ذلك الانتساب انتسابا حقيقيا كما في الخياط والنساج والنجار وما شاكلها ، أو تبعيا كما في البقال والبزاز والحداد والتامر واللابن وأمثالها ، لأن موادها من أسماء الأعيان وإنها غير قابلة للانتساب إلى الذات حقيقة ، فلا محالة يكون انتسابها إليها بتبع اتحاد الفعل المتعلق بها حرفة وشغلا ، فمن اتخذ بيع التمر شغلا له صار التمر مربوطا به تبعا ، ومن اتخذ بيع اللبن شغلا له صار اللبن مربوطا به وهكذا ، والانقضاء في أمثال ذلك إنما يكون بترك هذه الحرفة وذاك الشغل ، وحينئذ فعلى القول بوضع المشتق للأعم فالصدق أيضا حقيقي ، وعلى القول بوضعه لخصوص المتلبس بالمبدأ فعلا فالصدق مجازي . إلى هنا قد وصلنا إلى النتائج التالية : الأولى : أن الدخول في محل النزاع في المسألة منوط بتوفر أمرين : الأول : صحة المحل والجري على الذات . الثاني : إمكان انفكاك الذات عن المبدأ ولو في عالم المفهوم والتصور والمغايرة بينهما ، فكل اسم إذا توفر فيه كلا الأمرين فهو داخل في محل النزاع ، وإلا فلا . الثانية : أن العناوين الذاتية كالانسان والحيوان ونحوهما خارجة عن محل النزاع بمقتضى الأمر الثاني ، حيث إنه لا يمكن انفكاك الذات عن المبدأ في تلك العناوين حتى في عالم التصور واللحاظ فضلا عن عالم الخارج ، على أساس أن المبدأ فيها صورة نوعية للذات ومتحد معها ولا مغايرة بينهما . الثالثة : أن المراد من استحالة انفكاك المبدأ عن الذات في الشرط الثاني هو الاستحالة الذاتية يعبر عنا بالاستحالة المنطقية أيضا لا الاستحالة الوقوعية ، ولذلك قلنا إن العناوين التي يكون مبدؤها لازما لذاتها بحيث يستحيل انفكاكه