المسبب منها والمنشأ بها دون نفسها . والخلاصة أن المسبب بأي معنى كان يتعدد بتعدد الأسباب ، وإمضاء كل مسبب لا يمكن أن ينفك عن إمضاء سببه ، وعلى هذا فلا مانع من التمسك بإطلاق أدلة الامضاء بالنسبة إلى الأسباب أيضا ، فإنها إذا كانت مطلقة بالنسبة إلى المسببات ، فهي مطلقة بالنسبة إلى الأسباب أيضا ، على أساس أنها تنحل بانحلال المسببات ، فيكون لكل مسبب إمضاء ، والمفروض أن انحلال المسببات إنما هو بانحلال أسبابها ، فإذن تدل أدلة الامضاء على إمضاء المسببات بالمطابقة ، وعلى إمضاء الأسباب بالالتزام [1] . هذا ، ولكن الظاهر هو القول الثاني ، وهو عدم إمكان التمسك بإطلاقات أدلة الامضاء بالنسبة إلى الأسباب ، وذلك لأن مفاد أدلة الامضاء إعطاء قاعدة كلية لا إمضاء كل مسبب في الخارج ، مثلا مفاد قوله تعالى : ( أحل الله البيع وحرم الربا ) هو إمضاء المبادلة بين المالين ، يعني تمليك عين بعوض إذا لم تكن ربوية ، وأما إمضاؤها عن كل طريق وسبب يمكن إيجادها به فهو لا يدل عليه ، وليس مفاده إمضاء كل مبادلة تقع في الخارج وبأي سبب . وإن شئت قلت : إن المتفاهم العرفي منه هو أن الله تعالى قد منح الناس الفرصة على إيجاد البيع وهو المبادلة بين المالين في قبال المنع عنه . وأما أن هذه الفرصة متاحة لهم بأي طريق وسبب يمكن إيجاده به فلا إطلاق له ، لأن معنى إمضاء المعاملة عند الشارع والعقلاء ، إنما هو إعطاء الفرصة للناس على إيجادها في مقابل المنع ، كما هو مقتضى قوله تعالى : ( أحل الله البيع وحرم الربا ) ، فإذا كان ذلك هو معنى إمضاء المعاملة شرعا وعقلائيا ، فلا إطلاق لفظي في أدلة