الجهل واعتقاد صحة المعاملة لا يكون القبض والإقباض الَّا بتخيل تحقق الانتقال وحصول الملكية للقابض ، وإن المال ماله ، فبينه وبين الأمانة المالكية المفروضة في القاعدة بون بعيد ، وأمّا في صورة العلم بالفساد وتحقق الإقباض معه فربما يقال : إِن الإقباض من الغير اذن في قبض مال المالك ، مع حفظ مالكيته ، فيكون ماله عند القابض أمانة مالكية ، ولكن يمكن ان يقال : إنه في هذه الصورة أيضاً لا تتحقق الأمانة ، المالكية لأنّ الإقباض ولو مع العلم بالفساد إنّما يبتني على عدم الاعتناء بالفساد ، الذي حكم به الشارع ، وبعبارة أخرى يحكم نفس البائع مثلًا بصحة المعاملة على خلاف الشارع ، ويأذن في القبض مبنيّاً عليه ، وإلا لا يتحقق الجمع بين العلم بالفساد وبين الإقباض معه ، فتدبّر . وكيف كان فلا شبهة في خروج صورة الجهل بالفساد والقبض معه عن الأمانة المالكية المبحوث عنها في القاعدة . وثانياً : ان المفروض في الأمانة المالكية وكذا الشرعية هو ان يكون وقوع المال تحت يد الغير مأذوناً فيه من دون ان يقع في مقابله عوض ، ففي الإجارة التي هي من موارد الأمانة المالكية ، وإن كان قد وقع في مقابل المنفعة عوض ، الَّا انه لم يقع في مقابل العين التي تكون في يد المستأجر بإذن الموجر شيء ، وأمّا في المقبوض بالعقد الفاسد فيكون اذن المعطى مقيّداً بالعوض وواقعاً في مقابله ، غاية الأمر انه حيث لم يمض الشارع العوض المسمّى ؛ لفرض فساد المعاملة ؛ يكون عليه العوض الواقعي من المثل أو القيمة في صورة التلف ، فالمقبوض بالعقد الفاسد خارج عن الأمانتين .