وأمّا الصورة الثانية ، فالظاهر عدم تحقق الانقلاب فيها أصلًا ؛ لأن ادّعاء الانتقال من المدّعى عليه إلى ثالث ليس موضوعاً لحكم الحاكم بعد عدم ترتب الأثر عليه أصلًا ، فإن انتقال المال من المدّعى عليه إلى ثالث وعدمه ، ليس له ارتباط بذي اليد ، وليس ادّعاؤه منه موجباً لإقامة البينة عليه أو الحلف من الأخر مع عدمها كما هو المحقق في محلَّه كما أن ادّعاء انتقال المال من الثالث اليه ليس مرتبطاً بالمدّعى ، فلا اثر لحلفه على نفيه ، ولا لإقامة ذي اليد البينة على ثبوته ، فبعد عدم ترتب الأثر على شيء من الدّعويين لا بد من ملاحظة النتيجة ، وبحسبها يكون ذو اليد منكراً والآخر مدّعياً ، كما هو المفروض ، ومنه يظهر حكم الصورة الثالثة كما لا يخفى . وأمّا الصورة الرّابعة ، فانقلاب الإنكار فيها ادّعاء بعد عدم صدور ادّعاء من ذي اليد بالنسبة إلى الانتقال من المدعى عليه اليه أو إلى الغير ، مبني على أن تكون اللوازم العرفية للكلام حجة موجبة لتشخيص المدعي من المنكر ، فإنه حينئذ يصير مدّعياً ؛ لان لازم الإقرار بثبوت الملكية للمدعي سابقاً مع دعواه ملكية نفسه فعلًا ، هو انتقاله منه اليه مع الواسطة أو بدونها ، فان قلنا باعتبار هذا اللازم العرفي ، فاللازم تحقق الانقلاب وإلا فالعدم . تذنيب ربما يتوهم المنافاة بين ما ذكرنا من انقلاب الدعوى إلى الإقرار في الصّورة الأولى وبين ما ورد في محاجّة أمير المؤمنين [1] ( عليه السلام ) مع
[1] الوسائل 18 : 215 ب 25 من أبواب كيفية الحكم ح 3 . تفسير علي بن إبراهيم القمي 2 : 155 . شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 4 : 101 .