هذه هي الجهة الأخيرة في بحث العلم الإجمالي ، ويقع الكلام فيها في ما لو اشتغلت ذمّة المكلّف اشتغالاً يقينياً بالتكليف ؛ أيكفي في فراغها حصول العلم الإجمالي بسقوط التكليف مع القدرة على العلم التفصيلي ، أم لا بدّ من العلم تفصيلاً بامتثال التكليف المعلوم يقيناً ؟ ولهذه المسألة صور كثيرة تعرّض الأصوليون للمهمّ منها ؛ « فإنّ التكليف المعلوم بالإجمال ، إمّا أن يكون توصّلياً ، وإمّا أن يكون تعبّدياً . فإن كان توصّلياً فلا ينبغي الإشكال في حسن الاحتياط وسقوط التكليف بذلك ، سواء استلزم التكرار أو لم يستلزم ، كانت الشبهة موضوعية أو حكمية ، قبل الفحص أو بعد الفحص ، كان التردّد بين الوجوب والاستحباب أو مع احتمال الإباحة أيضاً ، فإنّه على جميع التقادير يحسن الاحتياط ويسقط التكليف به ولو مع التمكّن من الامتثال التفصيلي لحصول الغرض . وإن كان تعبّدياً ففي حسن الاحتياط وسقوط التكليف به مطلقاً ولو مع التمكّن من الامتثال ، أو عدم حسنه مطلقاً ، أو التفصيل بين ما إذا لم يستلزم منه تكرار جملة العمل وبين ما إذا استلزم ذلك ، وجوه » [1] . وبذلك يظهر أنّ الكلام في خصوص التكليف التعبّدي لا التوصّلي . ولنتعرّض لفرعين مهمّين من فروع هذه المسألة :