محلّ النزاع ليس المقصود من وجوب الموافقة الالتزامية الإيمان والإقرار بما جاء به النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله من شريعة ، فإنّ ذلك ممّا لا ريب في تحقّقه ، مضافاً إلى أنّ من لوازم الإيمان بنبوّته صلى الله عليه وآله الإقرار وعقد القلب على كلّ ما جاء به من أحكام إجمالاً ، وهذا لا يختصّ بالتكاليف ، بل يشمل كلّ ما جاء به صلى الله عليه وآله سواءً كان تكليفاً أو شيئاً آخر .
كذلك ليس المقصود من وجوب الموافقة الالتزامية ما بحث في محلّه من قصد الوجه في العبادات من الوجوب والاستحباب ونحوه ، فإنّ ذلك مختصّ بالتعبّديات ، والبحث هنا أعمّ منه .
بل البحث بأن يكون بالنسبة إلى كلّ واجب وحرام - كالصلاة والكذب - تكليفان مستقلاّن ، الأوّل هو وجوب الإتيان بالصلاة خارجاً ، والآخر هو عقد القلب بوجوب الصلاة من الشارع ، فهناك موافقتان أحدهما التزامية مرتبطة بعقد القلب ، والأخرى عملية مرتبطة بالجوارح . ومخالفتان كذلك مع صحّة التفكيك بينهما ، وهذا هو محلّ النزاع ، ومنه يظهر عدم تماميّة ما ذكره البعض من أنّ محلّ النزاع هو وجوب بناء المكلّف على الامتثال في الظرف المقرّر لذلك التكليف وعدم وجوبه [1] .
وفي هذا المجال يقرّر الأستاذ الشهيد أنّ : « المراد بالموافقة الالتزامية ذلك الفعل الاختياري النفساني للإنسان الذي هو من سنخ التوجّه النفساني الخاصّ المنتزع منه مفهوم الخضوع والتسليم والانقياد ، وهذا

[1] تحريرات في الأصول ، العلاّمة المحقّق آية الله المجاهد الشهيد السيّد مصطفى الخميني ، مؤسّسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني ، الطبعة الأولى ، 1418 ه - : : ج 3 ص 108 .

390