نام کتاب : الفوائد المدنية والشواهد المكية نویسنده : السيد نور الدين العاملي جلد : 1 صفحه : 415
وشبّهوا ذلك على المسلمين ، إذ قد وجدنا الخلق منقوصين محتاجين غير كاملين ، مع اختلافهم واختلاف أهوائهم وتشتّت أنحائهم [1] فلو لم يجعل فيها قيّماً حافظاً لِما جاء به الرسول لفسدوا على نحو ما بيّنّاه ، وغيّرت الشرائع والسنن والأحكام والإيمان وكان في ذلك فساد الخلق أجمعين . فإن قيل : لم لا يجوز أن يكون في الأرض إمامان فيوقت واحد وأكثر من ذلك ؟ قيل : لعلل : منها : أنّ الواحد لا يختلف فعله وتدبيره والاثنين لا يتّفق فعلهما وتدبيرهما ، وذلك أنّا لم نجد إلاّ اثنين مختلفي الهمم والإرادة ، فإذا كان اثنين ثمّ اختلفت هممهما وإرادتهما وكانا كلاهما مفترض الطاعة لم يكن أحدهما أولى بالطاعة من صاحبه فكان يكون في ذلك اختلاف الخلق والتشاجر والفساد ، ثمّ لا يكون أحد مطيعاً لأحدهما إلاّ وهو عاص للآخر فتعمّ المصيبة أهل الأرض ، ثمّ لا يكون مع ذلك السبيل إلى الطاعة والإيمان ، ويكونون إنّما أتوا في ذلك من قبل الصانع والّذي وضع لهم باب الاختلاف وسبب التشاجر إذا أمرهم باختلاف المختلفين . ومنها : أنّه لو كان إمامين كان لكلّ من الخصمين أن يدعو إلى غير الّذي يدعو إليه الآخر في الحكومة ، ثمّ لا يكون أحدهما أولى بأن يتّبع من صاحبه فتبطل الحقوق والأحكام والحدود . ومنها : أنّه لا يكون واحد من الحجّتين أولى بالنظر والحكم والأمر والنهي من الآخر وإذا كان هذا كذلك وجب عليهما أن ينبذوا الكلام ، وليس لأحدهما أن يسبق صاحبه بشيء إذا كانا في الأُمّة شرعاً واحداً ، فإن جاز لأحدهما السكوت جاز للآخر مثل ذلك ، وإذا جاز لهما السكوت بطلت الحقوق والأحكام وعطّلت الحدود وصار الناس كأنّهم لا إمام لهم . فإن قيل : فلم لا يجوز أن يكون الإمام من غير جنس الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ؟ قيل : لعلل :