نام کتاب : الفوائد المدنية والشواهد المكية نویسنده : السيد نور الدين العاملي جلد : 1 صفحه : 229
ولم ينه عن الهزل ولم يعب الجهل ، ولكنّ الناس لمّا سفهوا الحقّ وغمطوا النعمة واستغنوا بجهلهم وتدابيرهم عن علم الله واكتفوا بذلك دون رسله والقوّام بأمره وقالوا : لا شيء إلاّ ما أدركته عقولنا وعرفته ألبابنا فولاّهم الله ما تولّوا وأهملهم وخذلهم حتّى صاروا عبدة أنفسهم من حيث لا يعلمون ، ولو كان الله رضي منهم اجتهادهم وارتياءهم فيما ادّعوا من ذلك لم يبعث الله إليهم فاصلا لما بينهم ولا زاجراً عن وصفهم ، وإنّما استدللنا أنّ رضا الله غير ذلك ببعثه الرسل بالأُمور القيّمة الصحيحة والتحذير عن الأُمور المشكلة المفسدة ، ثمّ جعلهم أبوابه وصراطه والأدلاّء عليه بأُمور محجوبة عن الرأي والقياس . فمن طلب ما عند الله بقياس ورأي لم يزدد من الله إلاّ بعداً ولم يبعث رسولا قطّ وإن طال عمره قابلا من الناس خلاف ما جاء به حتّى يكون متبوعاً مرّة وتابعاً أُخرى ، ولم ير أيضاً فيما جاء به استعمل رأياً ولا مقياساً حتّى يكون ذلك واضحاً عنده كالوحي من الله . وفي ذلك دليل لكلّ ذي لبّ وحجى أنّ أصحاب الرأي والقياس مخطئون مدحضون ، وإنّما الاختلاف فيما دون الرسل لا في الرسل * . فايّاك أيّها المستمع أن تجمع عليك خصلتين : إحداهما القذف بما جاش به صدرك واتّباعك لنفسك إلى غير قصد ولا معرفة حدّ ، والأُخرى استغناؤك عمّا فيه حاجتك وتكذيبك لمن إليه مردّك ، وايّاك
229
نام کتاب : الفوائد المدنية والشواهد المكية نویسنده : السيد نور الدين العاملي جلد : 1 صفحه : 229