نام کتاب : الفصول الغروية في الأصول الفقهية نویسنده : الشيخ محمد حسين الحائري جلد : 1 صفحه : 423
فهي وإن أمكن نهوضها بضميمة أصل العدم على ما ذكره القائل المذكور لكن قد عرفت عدم ثبوته لقيام غيره من الأدلة على جواز التقليد وأما عن الثاني فبما عرفت من أن إطلاق المنع من تقليد الميت ينصرف إلى التقليد الابتدائي دون الاستدامي وهو ظاهر ولو تسافل المجتهد عن الاجتهاد أو صار مجنونا مطبقا ففي إلحاقه بالميت في الحكم السابق وجهان أظهرهما ذلك لعموم بعض الأدلة السابقة وأما الجنون الأدواري والسكر والاغماء فلا يقدح في جواز التقليد مطلقا على إشكال في الأول ثم اعلم أن بعض المتأخرين قد توهم في المقام تفصيلا ركيكا فذهب إلى أن الفقيه الجامع للشرائط المعتبرة إن اقتصر في الفتوى على محكمات الكتاب والسنة جاز تقليده بعد موته كما يجوز في حياته وإلا لم يجز الرجوع إليه بعد موته واستدل على الأول بأن فتواه على الفرض المذكور تكون من قبيل نقل الرواية بالمعنى وحجيته غير منوطة ببقاء الراوي لاطلاق الامر بقبول رواية رواتهم والرجوع إليهم وبأن عدم قبولها منه رد عليه وقد ورد أن الراد عليه كالراد عليهم وبأن أصحابنا الذين تأخروا عن علي بن بابويه كانوا يرجعون إلى فتاويه عند إعواز النصوص وذلك لما ظهر لهم من حاله من عدم تخطئة في الفتوى عن محكمات الاخبار فكانوا ينزلون فتاويه منزلة الرواية ويعملون بها هذا محصل ما نقل عنه وفساد هذا القول بمكان من الظهور وما تمسك عليه من الوجوه بمحل من القصور أما الأول فلان ظواهر الآيات والأخبار الدالة على حجية خبر الواحد على الاطلاق معارضة بمنطوق آية النبأ المفيدة بعد ضميمة الأصل لعدم قبول خبر من لم يعلم عدالته ولو بطريق علم اعتبارها شرعا والجمود عليه في مبحث الاخبار يوجب ترك العمل بكلها أو جلها وتنزيلها على وجه يجامع حجية أكثر الاخبار ليندفع بها الضرورة مما لم يقم عليه آية ولا رواية محكمة الدلالة فإن تمسك في ذلك بالاجماع فانتفاؤه في المقام واضح فإن لفقهائنا العاملين بأخبار الآحاد في تعيين ما هو الحجة منها آراء مختلفة ومذاهب متشعبة فقد ذهب بعضهم إلى حجية ما كان منها محفوفا بأمارات الوثوق مطلقا وبعضهم إلى حجية الخبر الصحيح الذي قد زكي رواته عدلان وآخر إلى حجية مطلق الصحيح وتسرى بعضهم إلى القول بحجية الحسن وآخر إلى الموثق وآخر إلى المنجبر بالشهرة وآخر إلى مطلق الاخبار الموجودة في الكتب الأربعة إلى غير ذلك من الأقوال ثم لهم في معرفة الرجال وفي وجوه التعادل والتراجيح أيضا مذاهب عديدة وبالجملة فوجود أسباب الاختلال في هذا المجال وانتفاء دليل قاطع الاحتمال على أحد هذه الأقوال مما لا يعتريه أثر الانكار والاشكال فاتضح أن محكمات السنة ليست بمعلومة الحجية على الاطلاق فلا يصح له ولا لمقلده الاعتماد على ما ينقله الفقيه الميت منها بالمعنى بل التحقيق أن المقلد لما كان عالما باشتغال ذمته بالأحكام الشرعية وبأخذها بطريق التقليد لقيام الاجماع عليه والضرورة لزم العمل بما يوجب البراءة اليقينية وليس إلا الرجوع إلى قول الحي لاتفاق الكل ببراءته حينئذ و أما الثاني فلان مورد الرواية رد الحكم دون الفتوى والفرق بينهما ظاهر ولو سلم التعميم فالمقصود تعين العمل بقول الحي وهو لا يستلزم الرد على غيره ولو فسر الرد بمجرد عدم الاخذ به لزم المحذور على تقدير جواز الاخذ بقول الميت أيضا لاستلزامه عدم الاخذ بقول الحي فلا بد من تخصيص عمومه بأحدهما ولا مرجح في اللفظ فيسقط الاحتجاج وإن رجع إلى المرجحات الخارجية فهي إنما تساعد على الوجه المختار وأما الثالث فلان أخذهم بفتاوي علي بن بابويه مما يمكن أن يكون فيما ثبت التسامح فيها من المندوبات و المكروهات فلا يدل على المدعى ولو سلم التعدي إلى غيرها فالمنقول قول جماعة ولا حجية فيه فإن الذي يظهر من طريقة الأكثرين كالفاضلين والشهيدين وأضرابهم عدم الالتفات إلى ذلك مع أن المنقول منهم الاعتماد على فتواه عند إعواز النصوص خاصة فلا يدل على جوازه مع عدم الاعواز كما هو الغالب في محل البحث ومنها أن لا يكون مجتهد آخر أفضل منه في الفقه والورع فلا يجوز تقليد المفضول في ذلك مع إمكان الرجوع إلى الأفضل وقد نسبه بعضهم إلى الأصحاب مدعيا عليه الاجماع ويدل عليه بعد الأصل ظاهر مقبولة عمر بن حنظلة الآتية في اختلاف الحاكمين فإن فيها الحكم ما حكم به أعدلهما و أفقههما وأصدقهما في الحديث وأورعهما ولا يلتفت إلى ما حكم به الاخر فإن ظاهرها عدم الاعتداد بحكم الاخر مطلقا فيدل على عدم جواز التعويل على فتواه إما لأنها داخلة في إطلاق الحكم أو لعدم ثبوت قائل بالفرق بين الحكم والفتوى فيتم المنع فيها بالاجماع المركب وإن العدول عن الأفضل إلى المفضول عدول عن أقوى الامارتين إلى أضعفهما وهو غير جائز وإن من أدلة جواز التقليد الاجماع والضرورة وهما لا ينهضان إلا على جواز تقليد الأفضل و يشكل بمنع الاجماع لا سيما بعد تصريح جماعة بالجواز والأصل مدفوع بعموم آيات المقام ورواياته فإن المستفاد منها عدم تعيين الأفضل فيتخير بين تقليده وتقليد المفضول والرواية المذكورة بعد تسليم سندها واردة في صورة التعارض في الحكم فلا تدل على عدم الاعتداد بفتواه مطلقا فإن الحكم المذكور في الرواية غير الفتوى كما يشهد به سياقها والاجماع المدعى على عدم الفرق ممنوع و حجية التقليد تعبدية وليست منوطة بالظن فلا يقدح قوة الظن في فتوى الأفضل مع أنها على إطلاقها ممنوعة فإن
423
نام کتاب : الفصول الغروية في الأصول الفقهية نویسنده : الشيخ محمد حسين الحائري جلد : 1 صفحه : 423