نام کتاب : الفصول الغروية في الأصول الفقهية نویسنده : الشيخ محمد حسين الحائري جلد : 1 صفحه : 421
الاحكام الواقعية من المجتهد الميت فيتعين الرجوع إليه أخذا بأقرب الامارتين والدليل على كونه أقرب إلى الإصابة أمران الأول أن الحي يقف غالبا على ما وقف عليه الميت مع زيادة لم يبلغ إليها نظر الميت فإن العلم يتكامل بتمادي الاعصار وبتلاحق الأفكار فيكون أقرب إلى الإصابة الثاني أن المجتهد الميت إذا كان مخطئا لم يكن في حقه الرجوع والاعلام به بخلاف الحي فإنه إذا أخطأ أمكن في حقه الرجوع إلى الحق والاعلام به فكان أقرب إلى الحق من الميت ويمكن دفع الأول بمنع الكلية فإن المجتهد الميت قد يكون أفضل من المجتهد الحي وأحوط منه بالمدارك وأعرف منه بوجوه الاستدلال فيصل إلى ما لا يصل إليه الحي والثاني بالنقض بصورة الإصابة فإن الميت حينئذ أبعد من الخطأ لعدم إمكان الرجوع في حقه بخلاف الحي فإنه قد يعدل عنه لشبهة يصادفها هذا مع أن حجية التقليد تعبدية وليست دائرة مدار الظن فلا يجب تجري الأقرب إلى الواقع الخامس أن المفتي إذا مات سقط اعتبار قوله بدليل أن الاجماع ينعقد على خلافه ويضعفه أن عدم اعتبار قوله في انعقاد الاجماع لا يوجب سقوطه بالكلية حتى بالنسبة إلى جواز التقليد إذ لا ملازمة بين الامرين مع أن هذا لا يستقيم على طريقة أصحابنا في الاجماع من أنه الاتفاق المشتمل على قول المعصوم عليه السلام أو الكاشف عنه إذ لا يعتد على الأول بقول معلوم النسب مع حياته أيضا ولهذا لا يقدح مخالفته فيه وعلى الثاني لا يعتد بقول من يحصل الكشف بقول غيره مطلقا ولو قرر الدليل بأن الاجماع قد ينعقد على خلاف قول الميت فيكون قوله معلوم البطلان من الدين والعامي لا خبرة له بمواقع الاجماع فقد يؤدي تقليده للأموات إلى التقليد في أمر معلوم البطلان فيجب عليه التحرز عن ذلك لكان أولى ومع ذلك فهو كما ترى وقد يستدل على المنع بوجوه أخر ضعيفة لا جدوى في التعرض لها حجة القول بجواز تقليد الميت أمور منها الأصل ومرجعه إلى استصحاب جواز تقليده الثابت حال الحياة وهذا قد يعتبر وصفا للمفتي نظرا إلى كونه ممن ثبت جواز تقليده حال الحياة فيستصحب وقد يعتبر وصفا لقوله نظرا إلى كونه مما ثبت جواز التقليد فيه حال الحياة فيستصحب وحيث إن الوصف الأول من عوارض النفس والثاني من عوارض القول القائم بها لم يلزم من انعدام الحياة انعدام موضوع الحكم لينافي جريان الاستصحاب والجواب أن القدر الثابت في حياته هو جواز تقليد معاصريه له لامتناع تحقق الجواز في حق المعدومين فيمتنع الاستصحاب لتعدد الموضوع ولو قرر الاستصحاب في الحجية أعني كونه بحيث يجوز العمل به عند تحقق الشرائط جاز ثبوته في حق المعدومين إلا أن مجرد الجواز لا يكفي في الحكم بالثبوت فإن الأدلة إنما تساعد على الاثبات في حق المعاصرين فقط ولو اقتصر في التمسك بالأصل على إثبات الجواز في حق من عاصر المجتهد ثم أراد تقليده بعد موته لدفعناه بأن الاحكام اللاحقة لموضوعات خاصة باعتبار كونها موضوعات خاصة لا تستصحب بعد زوالها كما مر تحقيقه في محله ولا خفاء في أن الآيات والأخبار الدالة على المقام إنما تدل على جواز تقليد الحي فتختص موردها بحالة الحياة فلا تستصحب إلى حال الموت والاجماع الثابت هنا إما كاشف عن صحة تلك الظواهر أو مستندة إليها فلا يزيد مفاده على مفادها ومثله الكلام في الضرورة والضرورة إلى التقليد إنما ينهض حجة إذا قطعنا النظر عن تلك الأدلة لابتنائها على انسداد باب العلم وأما مع انفتاحه بقيام تلك الأدلة فلا سلمنا لكن الشهرة العظيمة المؤيدة بالاجماع المنقول المعتضدة بأصالة الاشتغال قد قدحت في التعويل على الأصل هنا فلا سبيل إلى التمسك به مضافا إلى ما مر ذكره آنفا في الدليل الثالث وبهذا يظهر الجواب أيضا عن ظاهر بعض الروايات الدالة على جواز الاخذ بقول الميت قد مر التنبيه عليه عند بيان حجية فتوى المجتهد ومنها ما ذكره بعض المعاصرين من أن قول الميت مفيد للظن في حق العامي وكل ما يفيد الظن في حقه فهو حجة أما الصغرى فمعلومة بالوجدان وأما الكبرى فلأنها قضية انسداد باب العلم في حقه مع علمه ببقاء التكليف بالأحكام أقول جواز تقليد العامي في الجملة أمر معلوم بالضرورة من المذهب بل من الدين كسائر الاحكام الضرورية لتحقق موجبها من جريان طريقة السلف والخلف من العالم والجاهل والشريف والوضيع عليه لمسيس حاجتهم إليه وتوفر دواعيهم عليه وإنكار بعض من لا يعتد به له لا يقدح في كونه ضروريا لان إنكارهم مستند إلى شبه واهية وقد اتفق مثله لجماعة من المنتسبين إلى الاسلام حيث أنكروا ثبوت التكاليف الشرعية في حق الواصلين إلى درجة اليقين لشبه فاسدة خالجت أوهامهم فكما أن إنكارهم ذلك لا يقدح في ثبوت التكاليف في حق الكل بالضرورة فكذلك إنكار البعض لجواز التقليد لا يقدح في ثبوته بالضرورة ثم وظيفة المقلد أولا إنما هو الرجوع إلى من يعلم بجواز الرجوع إليه ولو بطريق الضرورة كالمجتهد المطلق الأفضل الأورع الحي المتذكر لمستند فتواه المعلوم اجتهاده وعدالته و أفضليته بالتواتر أو بالخبر المحفوف بقرائن الصدق أو بالمعاشرة الكاشفة عن ذلك فإن جواز التعويل على مثله في الاحكام معلوم أيضا بالضرورة والمراد بالمجتهد كل متمكن من معرفة الاحكام عن الطرق المقررة بوجه يعتد به في عرف العلماء سواء سمي أصوليا
421
نام کتاب : الفصول الغروية في الأصول الفقهية نویسنده : الشيخ محمد حسين الحائري جلد : 1 صفحه : 421