الأبحاث الأصوليّة وغيرها من أبحاث الفلسفة والكلام والمسائل المعرفيّة الأخرى . ثمّ إنّ هناك روايات تؤكّد مضمون قاعدة اللطف ، منها : ما رواه هشام بن الحكم عن أبي عبد الله عليه السلام ، أنّه قال للزنديق الذي قال له : « من أين أثبتّ الأنبياء والرُّسل ؟ » « إنّه لمّا أثبتنا أنّ لنا خالقاً صانعاً متعالياً عنّا وعن جميع ما خلق ، وكان ذلك الصانع حكيماً متعالياً لم يجز أن يشاهده خلقه ، ولا يلامسوه ، فيباشرهم ويباشروه ، ويحاجّهم ويحاجّوه ، ثبت أنّ له سفراء في خلقه ، يعبرون عنه إلى خلقه وعباده ، ويدلّونهم على مصالحهم ومنافعهم وما به بقاؤهم وفي تركه فناؤهم ، فثبت الآمرون والناهون عن الحكيم العليم في خلقه . . . » [1] . ومن الواضح أنّ هنا مقدّمة مطويّة استند إليها جواب الإمام عليه السلام ، وهي أنّ للإنسان غاية ، وهو بنفسه غير قادر على التعرّف عليها وعلى الطريق الصحيح الموصل إليها ، وإلاّ لما احتاج إلى مَن يدلّه على ما فيه بقاؤه من المصالح والكمالات الحقيقيّة ، ولعلّ هذا هو المراد في قوله تعالى : ( عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ) [2] ، فإنّ الآية لم تنف العلم عن الإنسان فقط بل نفت شأنية العلم ، أي : أنّ النبوّة تبيّن للإنسان أموراً ليس من شأن الإنسان أن يصلها بعلمه وعقله فقط . وكيف كان فلا بدّ من الوقوف على مضمون قاعدة اللطف من الناحية العقليّة وكيفيّة الاستفادة منها في حجّية الإجماع .
[1] أصول الكافي ، مصدر سابق : ج 1 ص 168 . [2] البقرة : 239 .