أمّا الجواب الحلّي : فتارة تكون الأغراض الواقعية معلومة للمكلّف ويمكن التمييز بينها من جهة تحديد المصالح والمفاسد ، وفي هذه الحالة يحكم العقل بقبح تفويت المصلحة والإلقاء في المفسدة من قبل المولى الحكيم ، وأُخرى تختلط المصالح والمفاسد عند المكلّف في مقام الإثبات . وحينئذ فإمّا أن يكون المولى غير قادر على رفع الاشتباه الحاصل عند المكلّف ، أو يكون قادراً تكويناً على ذلك ، والمفروض أنّ المولى تعالى قادر على ذلك ، إلاّ أنّه لا دليل على أنّه كلّ ما أمكن لله رفع الاشتباه تكويناً فالمصلحة تكون في ذلك ، بل لعلّ المصلحة تبقى في إبقائه على حالة الاشتباه ، لأنّ المولى ومن خلال الحالة المذكورة قادر على امتحان المكلّف واختباره في مقام الطاعة والعبودية . وسواء أمكن رفع الاشتباه عند المكلّف أو لم يمكن ، فالمولى إمّا أن يترك العبد يفعل ما يشاء أو أن يرجّح له أحد الطرفين ترجيحاً عشوائياً ، أو يرجّح له ما هو الأهمّ من الأغراض الواقعية على المهمّ منها ، ولا ريب أنّ العقل يحكم بالصورة الثالثة من دون أن يكون ذلك قبيحاً ، بل العقل حاكم هنا بالحسن لا محالة وإن استلزم ذلك تفويت مصلحة ما على المكلّف . وأمّا الجواب النقضي : فإنّ مصلحة المهمّ لو فاتت على المكلّف عند الإتيان بالأهمّ حال التزاحم لا يحكم العقل بأنّه قد فعل قبيحاً . أمّا محذور التصويب فهو مدفوع بالاستناد إلى أنّ دائرة الغرض الواقعي باقية على حالها حتى مع توسيع دائرة محرّكيته ، وأنّ تقديم الأهمّ على المهمّ لا يمسّ فعلية الأخير ، فلا تصويب .