هو معنى المرجّح والمحسّن ، وليس معناه أنّ الأمر استحبابيّ غير إلزاميّ فيها . نعم لو كان مراد النائيني من المحسّنات الأولوية التعيينية [1] لا التخييرية لما احتاج إلى بيان هذه النكتة . في ضوء ذلك يتّضح أنّ النسبة بين المصالح والمفاسد والأحكام الشرعية هي نسبة المقتضي لا العلّة التامّة ، ويمكن أن يكون الدليل الإثباتي على ذلك نفس جعل الحكم الظاهري من قبل المولى الحكيم العالم بجعله الواقعي ، فنستكشف بطريق « الإنّ » أنّ النسبة هي المقتضي لا العلّة التامّة . مناقشته : أُشكل على هذا الاتّجاه بعدم دفع محذور نقض الغرض في الجعل بالرغم من إمكانه دفع محذور تفويت المصلحة والإلقاء في المفسدة ، إذ المولى الحكيم إمّا أن يكون جعله مطلقاً أو مقيّداً ، وعلى الثاني فمرجعه إلى التصويب الباطل ، وعلى الأوّل يكون شاملاً حتّى لحالة الشكّ ، فلو جعل حكماً ظاهرياً على خلافه لنقض غرضه الذي جعل الحكم الواقعي مطلقاً على أساسه . اللهمّ إلاّ أن يقال بأنّ المحذور الذي ذكره العراقيّ من نقض الغرض في الجعل ليس شيئاً وراء نقض الغرض في المجعول والمتعلّق ، بناءً على أنّ الجعل مترشّح من الغرض الموجود في المجعول وليس له غرض مستقلّ في نفسه . لكن ذلك لا يتمّ أيضاً بناءً على ما ذكرناه سابقاً من أنّ المصلحة والمفسدة ليست متمحّضة في المتعلّق بل هناك مدخلية لنفس الأمر
[1] الأولوية التعيينية كما في قوله تعالى : ( وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ ( الأحزاب : 6 ) فإنّ هذه الأولوية ليست تخييرية .