والتنافي » [1] . أي : أنّ المتأخّر وإن كان لا يجتمع مع المتقدّم رتبة ، لكنّ المتقدّم يمكن أن يجتمع مع المتأخّر كما هو الحال في وجود العلّة مع معلولها . وأجاب المحقّق العراقي قدّس سرّه عن ذلك بأنّه إذا كان الحكم الظاهري في طول الواقع ، ومعنى طوليته كون الحكم الواقعي المشكوك مأخوذاً في موضوعه ، وحينئذ كيف يعقل أن يكون الحكم الواقعي - ولو بنتيجة الإطلاق - في عرض الحكم الظاهري وفي مرتبته ؟ ! فهل يتوهّم أحد أنّ الموضوع في مرتبة محموله ؟ نعم : هما متّحدان زماناً لا رتبة ، فكلّ واحد محفوظ في رتبة نفسه بلا تعدية إلى مرتبة غيره . فعلى فرض الاكتفاء باختلاف المرتبة بين الحكمين محضاً ، لا مجال لمثل هذا الجواب [2] . إلاّ أنّ هذه المسألة من الموارد التي وقع فيها الخلط بين الأمور الحقيقية والأمور الاعتبارية ، فإنّ ما ذكره الخراساني قدّس سرّه من أنّ العلّة تعاصر معلولها إنّما يجري في العلل الحقيقية والأمور التكوينية ، كما نعتقد ذلك في الواجب سبحانه وتعالى ، خصوصاً على مبنى الوجود الفقري ، فإنّ العلة التامة موجودة في مرتبة معلولها لا محالة وإلاّ لزم أن تكون محدودة ، وهو خلف عدم تناهي الواجب تعالى . لكن لا يلزم من ذلك وجود المعلول في رتبة علّته ، والحال أنّ الأمور التشريعية من قبيل الاعتباريات التي لا تجري فيها القواعد الفلسفية التي تجري في نظام
[1] المصدر نفسه . [2] فوائد الأصول ، مصدر سابق : ج 3 ص 113 ، تعليقة رقم ( 1 ) ؛ بحوث في علم الأصول ، مصدر سابق : ج 4 ص 197 .