نحاول في ما يلي الإشارة باختصار إلى نماذج توضّح بعض الخصائص التي انطوت عليها هذه الدراسة . 1 . الأصول المعرفية لمسألة الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي تنتمي مسألة الجمع بين الحكم الظاهري والحكم الواقعي في مبادئها الأساسيّة إلى مجموعة من المباني الكلامية والعقلية . والسؤال المطروح هنا : هل ترد المحاذير واللوازم الباطلة المذكورة في هذه المسألة على جميع المباني الكلامية المذكورة ، أم ترد على بعضها دون بعضها الآخر ؟ في هذا المجال يجدر الالتفات إلى العلاقة الجوهرية والعلقة الصميميّة بين البحث الأصولي والبحث الكلامي ، إذ إنّ مسألة الجمع بين الحكمين الظاهري والواقعي ترتبط ارتباطاً أساسيّاً بجملة من الأصول العقدية والعقلية التي تمثّل المبادئ التصديقيّة لهذه المسألة ، ولا يمكن البحث فيها من الناحية المنهجية إلاّ بعد الفراغ من تحقيق القواعد والأصول المذكورة ، ومن هذه الأصول : هل لله تعالى في كلّ واقعة حكم ؟ فما لم يثبت في الرتبة السابقة أنّ لله تعالى في كلّ واقعة حكماً ، فلا معنى حينئذ لحصول التنافي بين الحكم الظاهري والواقعي ، إذ لا واقع لكي يتنافى مع الظاهر ، وتكون من السالبة بانتفاء الموضوع . أتختصّ الأحكام الواقعيّة بالعالم بها فقط ، أم هي مشتركة بين العالم والجاهل بها ؟ إذ مع اختصاصها بالعالمين بها فقط لا يتحقّق التنافي من الأساس ، لعدم وجود الأحكام الواقعيّة بحقّ الجاهل الذي