تريد أن تبيّن أنّ راية الحقّ موجودة إلى قيام الساعة ويمكن للناس أن يبحثوا عنها ويتّبعوها . وفي ضوء هذه الحقيقة يتجلّى معنى « الخاتميّة » ؛ إذ لو حصل اجتماع الأمّة على الباطل والضلالة لانقطع الارتباط بالله سبحانه وتعالى وكانت هناك ضرورة لشريعة جديدة وارتباط جديد أيضاً حتّى يتبيّن للناس طريق الحقّ ، ويظهر ذلك أيضاً من لفظ « أمّتي » الوارد في هذه الروايات ، أي أنّ هذه الأمّة التي لها شرف الانتساب للنبي الخاتم صلّى الله عليه وآله لا يمكن أن تكون جميع راياتها على ضلال بل تبقى فيها راية حقّ وهداية إلى قيام الساعة . وعليه تكون الرواية أجنبيّة عن محلّ الكلام الذي هو الإجماع في المسائل الفرعيّة والفقهيّة . وهناك مناقشة أخرى أوردها السيّد الحكيم قدّس سرّه على الاستدلال بحديث « لا تجتمع أمّتي على ضلالة » ، حاصلها عدم التمكّن من إحراز إجماع الأمّة الوارد في الحديث ، وبالتالي فهي مناقشة صغرويّة [1] . 4 - الاستدلال بالعقل ونعني به الاستناد إلى بعض مدركات العقل النظري ، وبذلك يفترق عن الاستدلال بقاعدة اللّطف التي هي أحد مدركات العقل العملي . وحاصله : أنّ هناك ملازمة بين إجماع العلماء وبين ثبوت الحكم واقعاً . وهذه الملازمة إمّا أن تكون عقليّة ، أو عاديّة ، أو اتّفاقيّة ، ومن هنا لا بدّ من الوقوف على معاني الملازمة قبل بيان هذا الدليل على حجّية الإجماع .
[1] الأصول العامّة للفقه المقارن ، مصدر سابق : ص 264 .