نراهم يوجبون دفع الضرائب على الأمور العائدة للصالح العامّ ، ومن هنا يكون الارتكاز العقلائي أو السيرة العقلائية المذكورة قد تصرّفت في موضوع حجية الظهور تضييقاً في المثال أعلاه . ويفترق هذا القسم عن القسم السابق في حاجته إلى إثبات معاصرة السيرة لزمن صدور النصّ لأنّ الحجّة إنّما هي ظهور النصّ في ذلك الزمن ، لكن القسمين يشتركان في أنّ كلاًّ منهما ينقّح الموضوع ويوجده . القسم الثالث : السيرة العقلائية المشرّعة للحكم الشرعي والتي اصطلح عليها الأستاذ الشهيد قدّس سرّه ب « السيرة المتشرّعية » لا « سيرة المتشرّعة » فإنّ هذه الأخيرة يراد بها الفعل الخارجي الصادر من المتشرّعة بما هم متشرّعة ، أمّا السيرة المتشرّعية فهي التي يراد الاستدلال بها على كبرى الحكم الشرعي كالسيرة العقلائية القائمة على « أنّ مَن حاز شيئاً من الأموال المنقولة المباحة ملَكه » ، وكذلك السيرة القائمة على « خيار الغبن في المعاملة » إذا أُريد الاستدلال بها على إثبات الخيار ابتداءً لا باستكشاف شرط ضمنيّ على أساسه . والاستدلال بهذا القسم من السيرة قد يكون لإثبات حكم شرعيّ كلّي واقعيّ كقاعدة اليد والضمان وغيرها من القواعد الفقهية في باب المعاملات ، وهذا ما يقع الاستدلال به في كتب الفقه ، وقد يكون لإثبات حكم شرعيّ ظاهريّ ، وهذا ما يقع الاستدلال به في كتب الأصول عادةً ، كالسيرة القائمة على حجّية الظواهر أو خبر الثقة مثلاً . وهذا القسم من السيرة تتوقّف دليليّته على إثبات عناية إضافية وليست على القاعدة كما في القسمين السابقين ؛ إذ لا معنى للاستدلال ابتداءً بعمل العقلاء وبنائهم على حكم الشارع الأقدس .