لأنّه لا بدّ للطالب من مطلوب ، وربما عبّروا عنه بأنّ مطلوب المجتهد الأشبه عند الله تعالى ، والأشبه معيّن عند الله » [1] . وقد وجّه المحقّق النائيني هذه الإصابة « بأن تكون الأمارة سبباً لحدوث مصلحة في المؤدّى أيضاً أقوى من مصلحة الواقع ، بحيث يكون الحكم الفعلي في حقّ من قامت عنده الأمارة هو المؤدّى ، وإن كان في الواقع أحكام يشترك فيها العالم والجاهل على طبق المصالح والمفاسد النفس أمرية ، إلاّ أنّ قيام الأمارة على الخلاف تكون من قبيل الطوارئ والعوارض والعناوين الثانوية اللاحقة للموضوعات الأوّلية المغيّرة لجهة حسنها وقبحها ، نظير الضرر والحرج ، ولا بدّ أن تكون المصلحة الطارئة بسبب قيام الأمارة أقوى من مصلحة الواقع ، إذ لو كانت مساوية لها لكان الحكم هو التخيير بين المؤدّى وبين الواقع ، مع أنّ المفروض أنّ الحكم الفعليّ ليس إلاّ المؤدّى » [2] . وهذا القول بناءً على هذا التوجيه يرجع إلى القول الأوّل لانتهائه إلى القول بعزل الأحكام الواقعية من طريق المزاحمة [3] . الإشكال على القول الثاني وأُورد على هذا القول - مضافاً إلى الإجماع المنعقد على أنّ الأمارة لا تغيّر الواقع ولا تمسّ كرامته تبعاً لنظر المجتهد ولزوم تعدّد حكم الله تعالى في الواقعة الواحدة فيما لو تعدّدت آراء المجتهدين - بما يلي :
[1] المستصفى ، مصدر سابق : ص 361 . [2] فوائد الأصول ، مصدر سابق : ج 3 ص 95 . [3] الأصول العامّة للفقه المقارن ، العلاّمة السيّد محمّد تقي الحكيم ، مؤسّسة آل البيت للطباعة والنشر ، ط 2 ، 1979 م ، ص 622 .