بيان ذلك : إن دعوى دخول مصداق الشئ - وهو الجزئي الحقيقي - في مدلول المشتق لا تتم الا عن أحد طريقين : 1 - المشترك اللفظي ، بأن يوضع لفظ الكاتب - مثلا - لجميع الافراد الانسانية المتلبسة بالكتابة قوة أو فعلا ، منذ أن اخترعت الكتابة وحتى يوم القيامة ، وذلك مستلزم التصور الواضع جميع هؤلاء الافراد واحدا واحدا ووضع المشتق بإزائه على نحو تعدد الوضع والموضوع له ، وهذا مستحيل عادة بالنسبة للانسان الواضع لهذه الألفاظ . 2 - الوضع العام والموضوع له الخاص ، بمعنى أن ما تصوره الواضع حين الوضع هو عنوان مصداق الشئ وجزئية الحقيقي ، ولكن ما قصد وضع اللفظ له نفس المصاديق الخارجية والافراد المتلبسة بالمبدأ ، ولازم ذلك التغاير المعنوي بين المشتقات ، بحيث يكون المتبادر من لفظ كاتب حين اطلاقها على زيد مغايرا للمتبادر منها حين اطلاقها على بكر ، وهكذا ، وهذا مخالف للوجدان العرفي قطعا ، حيت يرى العرف جريان الاطلاقات في المشتق على نسق واحد . إذن دعوى دخول مصداق الشئ في مفهوم المشتق مستلزم لورود محذور الانقلاب كما سبق بيانه ، الا أنها دعوى بينة الفساد في نفسها . وأما إذا كان المأخوذ في مدلول المشتق هو الجزئي الإضافي للشئ فهو كلي في الحقيقة لا جزئي ، وتوصيف الكلي لا محالة توصيف تقييدي لا إخباري ، وبما أن التوصيف التقييدي لا جهة له فلا يتصور حينئذ محذور الانقلاب أصلا . فالخلاصة : أن القول بتركيب المشتق محتمل لصور : 1 - كون المأخوذ في مدلوله هو مفهوم الشئ ، وهو كلي ، وتوصيفه توصيف تقييدي لا جهة له ، فلا يتصور فيه محذور الانقلاب . 2 - كون المأخوذ في مدلوله هو مصداق الشئ وجزئية الحقيقي ، ولازم ذلك ورود محذور الانقلاب ، الا أنه احتمال ضعيف في نفسه .