لكن ربما يقال : بأن كراهة اللفظ واستحسانه لا يكشف عن كون علاقة اللفظ بمعناه علاقة الهوهوية بل لان ذكر اللفظ سبب لاخطار المعنى القبيح ، فهذه السببية لخطور القبيح أوجبت النفور من اللفظ لا لكون العلاقة بينهما هي علاقة الاتحاد والاندماج . ولكن الذي يظهر بالتأمل الوجداني هو دلالة سراية الحسن والقبح من المعنى إلى اللفظ على وحدة العلاقة واندماجيتها ، وذلك لان القبح والحسن بمعنى النقص والكمال وعاءه هو المعنى بوجوده الخارجي وإنما يسري للصورة الذهنية أولا ثم منها إلى اللفظ ، وسريانه للصورة الذهنية والألفاظ لا بمعنى الكمال والنقص الواقعيين بل بمعنى القبول والرفض النفسيين ، ولولا اتحاد الصورة الذهنية مع ما في الخارج في ماهية واحدة وذات فاردة لما سرى الحسن والقبح من المعنى الخارجي للمعنى الذهني ، فكذلك لولا وحدة الصورة الذهنية للمعنى مع صورة اللفظ بحيث يعد حضور اللفظ حضورا للمعنى لما سرى الحسن والقبح من المعنى إلى اللفظ . الشاهد السادس : ان المناطقة قسموا الدلالة للمطابقية والالتزامية ، فإن دلالة اللفظ على تمام معناه مطابقة ودلالة اللفظ على جزء معناه أو ما هو خارج عنه لازم له التزام ، لرجوع الدلالة التضمنية في الواقع للدلالة الالتزامية ، حيث إن الكل والجزء متلازمان خارجا وذهنا بمعنى كون حضور الكل حضورا للجزء ولا عكس ، فمثلا لفظ الشمس موضوع للجرم الناري ودلالته مطابقية ولكن لتلازم هذا الجرم مع الشعاع صارت دلالة لفظ الشمس على الشعاع دلالة التزامية ، لكون اللزوم من اللزوم البين بالمعنى الأخص . وحينئذ نقول : لو كانت علاقة اللفظ بالمعنى علاقة الملزوم باللازم لم يكن هناك فرق بين الدلالة المطابقية والدلالة الالتزامية في الخطور الذهني أصلا ، حيث أن دلالة اللفظ على معناه المطابقي بالملازمة لتلازمهما ذهنا في