باعتبار أنها كمال للنفس وقوة في وجودها . وكذلك أضدادها قبيحة لأ نهى نقصان في وجود النفس وقوتها . ولا ينافي ذلك أنه يقال للأولى : " حسنة " وللثانية " قبيحة " باعتبار معنى آخر من المعنيين الآتيين . وليس للأشاعرة ظاهرا نزاع في الحسن والقبح بهذا المعنى ، بل جملة منهم يعترفون بأنهما عقليان ، لأن هذه من القضايا اليقينيات التي وراءها واقع خارجي تطابقه ، على ما سيأتي . ثانيا : أنهما قد يطلقان ويراد بهما الملائمة للنفس والمنافرة لها ، ويقعان وصفا بهذا المعنى أيضا للأفعال ومتعلقاتها من أعيان وغيرها . فيقال في المتعلقات : هذا المنظر حسن جميل ، هذا الصوت حسن مطرب ، هذا المذوق حلو حسن . . . وهكذا . ويقال في الأفعال : نوم القيلولة حسن ، الأكل عند الجوع حسن ، والشرب بعد العطش حسن . . . وهكذا . وكل هذه الأحكام لأن النفس تلتذ بهذه الأشياء وتتذوقها لملائمتها لها . وبضد ذلك يقال في المتعلقات والأفعال : هذا المنظر قبيح ، ولولة النائحة قبيحة ، النوم على الشبع قبيح . . . وهكذا . وكل ذلك لأن النفس تتألم أو تشمئز من ذلك . فيرجع معنى الحسن والقبح - في الحقيقة - إلى معنى اللذة والألم ، أو فقل : إلى معنى الملائمة للنفس وعدمها ، ما شئت فعبر ، فإن المقصود واحد . ثم إن هذا المعنى من الحسن والقبح يتسع إلى أكثر من ذلك ، فإن الشئ قد لا يكون في نفسه ما يوجب لذة أو ألما ، ولكنه بالنظر إلى ما يعقبه من أثر تلتذ به النفس أو تتألم منه يسمى أيضا حسنا أو قبيحا ، بل قد يكون الشئ في نفسه قبيحا تشمئز منه النفس كشرب الدواء المر