فتعين القول الرابع ، وهو أن الموضوع له ذات المعنى ، ولكنه حين الوضع يلاحظ المعنى بنحو اللابشرط القسمي . وهو يطابق القول المنسوب إلى القدماء على التصوير الثاني كما أشرنا إليه ، فلا اختلاف . ويقع التصالح بين القدماء والمتأخرين إذا لم يثبت عن القدماء أنهم يقولون أنه مجاز في المقيد ، وهو مشكوك فيه . بيان هذا القول الرابع : أن ذات المعنى لما أراد الواضع أن يحكم عليه بوضع لفظ له ، فمعناه : أنه قد لاحظة مقيسا إلى الغير ، فهو في هذا الحال لا يخرج عن كونه معتبرا بأحد الاعتبارات الثلاثة للماهية . وإذ يراد تسرية الوضع لذات المعنى بجميع أطواره وحالاته وقيوده لابد أن يعتبر على نحو اللابشرط القسمي . ولا منافاة بين كون الموضوع له ذات المعنى وبين كون ذات المعنى ملحوظا في مرحلة الوضع بنحو اللابشرط القسمي ، لأن هذا اللحاظ والاعتبار الذهني - كما تقدم - صرف طريق إلى الحكم على ذات المعنى ، وهو المصحح للموضوع له . وحين الاستعمال في ذات المعنى لا يجب أن يكون المعنى ملحوظا بنحو اللابشرط القسمي ، بل يجوز أن يعتبر بأي اعتبار كان ما دام الموضوع له ذات المعنى ، فيجوز في مرحلة الاستعمال أن يقصر النظر على نفسه ويلحظه بما هو هو ، ويجوز أن يلحظه مقيسا إلى الغير فيعتبر بأحد الاعتبارات الثلاثة . وملاحظة ذات المعنى بنحو اللابشرط القسمي حين الوضع تصحيحا له لا توجب أن تكون قيدا للموضوع له . وعليه ، فلا يكون الموضوع له موجودا ذهنيا إذا كان له اعتبار اللابشرط القسمي حين الوضع ، لأ أنه ليس الموضوع له هو المعتبر بما هو معتبر ، بل ذات المعتبر . كما أن استعماله في المقيد لا يكون مجازا لما تقدم أنه يجوز أن يلحظ ذات المعنى حين الاستعمال مقيسا إلى الغير ، فيعتبر بأحد الاعتبارات الثلاثة التي منها اعتباره بشرط شئ ، وهو المقيد .