ولا مانع منها إلا احتمال أن يكون الخاص المتقدم مخصصا وقرينة على العام ، ولكن أيضا يحتمل أن يكون منسوخا بالعام ، فلا يحرز أنه من باب القرينة . ولا شك أن الخاص المنفصل إنما يقدم على العام لأ أنه أقوى الحجتين وقرينة عليه ، ومع هذا الاحتمال لا يكون الخاص المنفصل أقوى في الظهور من العام . قلت : الأصوب أن يحمل على التخصيص كالصورة السابقة ، لما تقدم : من أن العام لا يدل على أكثر من أن المراد جدي ، ولا يدل في نفسه على أن الحكم واقعي تابع للمصالح الواقعية الثابتة للأشياء بعناوينها الأولية ، وإنما يكون العام ناسخا للخاص إذا كانت دلالته على هذا النحو ، وإلا فالعمومات الواردة في الشريعة على الأغلب ليست كذلك . وأما احتمال النسخ فلا يقلل من ظهور الخاص في نفسه قطعا ، كما لا يرفع حجيته فيما هو ظاهر فيه ، فلا يخرجه عن كونه صالحا لتخصيص العام ، فيقدم عليه ، لأ أنه أقوى في نفسه ظهورا . بل يمكن أن يقال : إن العام اللاحق للخاص لا ينعقد له ظهور في العموم إلا بدويا بالنسبة إلى من لا يعلم بسبق الخاص ، لجواز أن يعتمد المتكلم في بيان مراده على سبقه ، فيكون المخصص السابق كالمخصص المتصل أو كالقرينة الحالية ، فلا يكون العام ظاهرا في العموم حتى يتوهم أنه ظاهر في ثبوت الحكم الواقعي . الصورتان : الرابعة والخامسة إذا كانا مجهولي التأريخ أو أحدهما فقط كان مجهولا ، فإنه يعلم الحال فيهما مما تقدم ، فيحمل على التخصيص بلا كلام . ولا وجه لتوهم النسخ ، لا سيما بعد أن رجحنا التخصيص في جميع الصور . وهذا واضح لا يحتاج إلى مزيد بيان . * * *