وبتعبير آخر أدق : إن الفكر هو : حركة العقل بين المعلوم والمجهول . وتحليل ذلك : أن الإنسان إذا واجه بعقله المشكل ( المجهول ) وعرف أنه من أي أنواع المجهولات هو ، فزع عقله إلى المعلومات الحاضرة عنده ، المناسبة لنوع المشكل ، وعندئذ يبحث فيها ، ويتردد بينها ، بتوجيه النظر إليها ، ويسعى إلى تنظيمها في الذهن ، حتى يؤلف المعلومات التي تصلح لحل المشكل ، فإذا استطاع ذلك ، ووجد ما يؤلفه لتحصيل غرضه ، تحرك عقله حينئذ منها إلى المطلوب ، أعني معرفة المجهول وحل المشكل . فتمر على العقل - إذن - بهذا التحليل خمسة أدوار : 1 - مواجهة المشكل ( المجهول ) . 2 - معرفة نوع المشكل ، فقد يواجه المشكل ولا يعرف نوعه . 3 - حركة العقل من المشكل إلى المعلومات المخزونة عنده . 4 - حركة العقل - ثانيا - بين المعلومات للفحص فيها ، وتأليف ما يناسب المشكل ويصلح لحله . 5 - حركة العقل - ثالثا - من المعلوم الذي استطاع تأليفه مما عنده إلى المطلوب . ومنذ أن ترجم هذا المنطق من اليونانية إلى العربية عن طريق السريانية والفارسية ، كان ولا يزال هو المنهج المعتمد في الدراسات الإسلامية ، وبخاصة الفلسفة الإسلامية وعلم الكلام وأصول الفقه . ومد رواقه أيضا على الدراسات اللغوية العربية فاعتمد إلى حد بعيد في علم النحو وعلوم البلاغة . وهو المنهج المتبع والمعتمد حاليا في الدرس الفلسفي والدرس الكلامي والدرس الأصولي في الحوزات العلمية ( مراكز الدراسات الدينية ) عند الشيعة الإمامية . وكذلك في الحوزات العلمية السنية في مثل أفغانستان وباكستان وهندستان واليمن ومصر ودول المغرب العربي .