نام کتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول نویسنده : الشوكاني جلد : 1 صفحه : 75
المؤمنين أو عن متابعة بعض ما كان كذلك الأول ممنوع وبتقدير التسليم فالاستدلال ساقط اما المنع فلأن لفظ الغير ولفظ السبيل كل واحد منهما لفظ مفرد فلا يفيد العموم واما بتقدير التسليم فالاستدلال ساقط لأنه يصير معنى الآية أن من اتبع كل ما كان مغايرا لكل ما كان سبيل المؤمنين يستحق العقاب والثاني مسلم ونقول بموجبه فان عندنا يحرم بعض ما غاير بعض سبيل المؤمنين وهو السبيل الذي صاروا به مؤمنين والذي يغايره هو الكفر بالله وتكذيب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهذا التأويل متعين لوجهين لأنا إذا قلنا لا تتبع غير سبيل الصالحين فهم منه المنع من متابعة غير سبيل الصالحين فيما صاروا به صالحين ولا يفهم منه المنع من متابعة سبيل غير الصالحين في كل شيء حتى الأكل والشرب والثاني أن الآية أنزلت في رجل ارتد وذلك يدل على أن الغرض منها المنع من الكفر سلمنا ان الآية تقتضي المنع من اتباع غير سبيلهم مطلقا لكن لفظ السبيل حقيقة في الطريق الذي يحصل فيه المشي وهو غير مراد هنا بالاتفاق فصار الظاهر متروكا ولا بد من صرفه إلى المجاز وليس البعض أولى من البعض فتبقى الآية مجملة وأيضا فإنه لا يمكن جعله مجازا عن اتفاق الأمة على الحكم لأنه لا مناسبة البتة بين الطريق المسلوك وبين اتفاق أمة محمد صلى الله عليه وآله وسلم على شيء من الاحكام وشرط حسن التجوز حصول المناسبة سلمنا انه يجوز جعله مجازا عن ذلك الاتفاق لكن يجوز أيضا جعله مجازا عن الدليل الذي لأجله اتفقوا على ذلك الحكم فإنهم إذا اجمعوا على الشيء فاما ان يكون الاجماع عن استدلال فقد حصل لهم سبيلان الفتوى والاستدلال عليه فلم كان حمل الآية على الفتوى أولى من حملها على الاستدلال بل هذا أولى فإن بين الدليل الذي يدل على ثبوت الحكم وبين الطريق الذي يحصل فيه المشي مشابهة فإنه كما أن الحركة البدنية في الطريق المسلوكة توصل البدن إلى المطلوب هكذا الحركة الذهنية في مقدمات ذلك الدليل موصلة للذهن إلى المطلوب والمشابهة إحدى جهات حسن المجاز وإذا كان كذلك كانت الآية تقتضي ايجاب اتباعهم في سلوك الطريق الذي لأجله اتفقوا على الحكم ويرجع حاصله إلى إيجاب الاستدلال بما استدلوا به على ذلك الحكم وحينئذ يخرج الإجماع عن كونه حجة واما ان يكون اجماعهم لا عن استدلال فالقول لا عن استدلال خطأ فيلزم اجماعهم على الخطأ وذلك يقدح في صحة الاجماع ثم قال سلمنا دلالة الآية على وجوب المتابعة لكنها اما ان تدل على متابعة بعض المؤمنين أو كلهم الأول باطل لأن لفظ المؤمنين جمع فيفيد الاستغراق لأن اجماع البعض غير معتبر بالاجماع ولأن أقوال الفرق متناقضة والثاني مسلم ولكن كل المؤمنين الذين يوجدون إلى يوم القيامة فلا يكون الموجودون في العصر كل المؤمنين فلا يكون اجماعهم اجماع كل المؤمنين فان قلت المؤمنون هم المصدقون والموجودون واما الذين لم يوجدوا بعد فليسوا المؤمنين قلت إذا وجد أهل العصر الثاني لا يصح القول بأن أهل العصر الأول هم كل المؤمنين فلا يكون اجماع أهل العصر الأول عند حضور أهل العصر الثاني قولا لكل المؤمنين فلا يكون اجماع أهل العصر الأول حجة على أهل العصر الثاني سلمنا ان أهل العصر هم كل المؤمنين لكن الآية انما نزلت في زمان الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فتكون الآية مختصة بمؤمني ذلك الوقت وهذا يقتضي ان يكون اجماعهم حجة لكن التمسك بالاجماع انما ينفع بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فمهما لم يثبت ان الذين كانوا موجودين عند نزول هذه الآية بقوا بأسرهم إلى بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وأنها اتفقت كلمتهم على الحكم الواحد لم تدل
75
نام کتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول نویسنده : الشوكاني جلد : 1 صفحه : 75