نام کتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول نویسنده : الشوكاني جلد : 1 صفحه : 49
الواحد الا بعد قرينة تنضم إليه وهو علم الضرورة بأن يخلق الله في قلبه ضرورة الصدق وقال واليه ذهب أبو الحسين بن اللبان الفرضي قال بعد حكاية هذا عنه فان تاب فالله يرحمه والا فهو مسألة التكفير لأنه اجماع فمن أنكره يكفر قال ابن السمعاني واختلفوا يعني القائلين بعدم وجوب العمل بخبر الواحد في المانع من القبول فقيل منع منه العقل وينسب إلى ابن علية والأصم وقال القاشاني من أهل الظاهر والشيعة منع منه الشرع فقالوا انه لا يفيد الا الظن وان الظن لا يغني من الحق شيئا ويجاب عن هذا بأنه عام مخصص لما ثبت في الشريعة من العمل بأخبار الآحاد ثم اختلف الجمهور في طريق اثباته فالأكثر منهم قالوا يجب بدليل السمع وقال أحمد بن حنبل والقفال وابن شريح وأبو الحسين البصري من المعتزلة وأبو جعفر الطوسي من الإمامية والصيرفي من الشافعية ان الدليل العقلي دل على وجوب العمل لاحتياج الناس إلى معرفة بعض الأشياء من جهة الخبر الوارد عن الواحد واما دليل السمع فقد استدلوا من الكتاب بمثل قوله تعالى « إن جاءكم فاسق بنبأ » وبمثل قوله تعالى « فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة » ومن السنة بمثل قصة أهل قباء لما أتاهم واحد فأخبرهم ان القبلة قد تحولت فتحولوا وبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلم ينكر عليهم وبمثل بعثه صلى الله عليه وآله وسلم لعماله واحدا بعد واحد وكذلك بعثه بالفرد من الرسل يدعو الناس إلى الاسلام ومن الاجماع باجماع الصحابة والتابعين على الاستدلال بخبر الواحد وشاع ذلك وذاع ولم ينكره أحد ولو أنكره منكر لنقل إلينا وذلك يوجب العلم العادي باتفاقهم كالقول الصريح قال ابن دقيق العيد ومن تتبع اخبار النبي صلى الله عليه وآله وسلم والصحابة والتابعين وجمهور الأمة ما عدا هذه الفرقة اليسيرة علم ذلك قطعا ( انتهى ) وعلى الجملة فلم يأت من خالف في العمل بخبر الواحد بشيء يصلح للتمسك به ومن تتبع عمل الصحابة من الخلفاء وغيرهم وعمل التابعين فتابعيهم بأخبار الآحاد وجد ذلك في غاية الكثرة بحيث لا يتسع له إلا مصنف بسيط وإذا وقع من بعضهم التردد في العمل به في بعض الأحوال فذلك لأسباب خارجة عن كونه خبر واحد من ريبة في الصحة أو تهمة للراوي أو وجود معارض راجح أو نحو ذلك واعلم أن الآحاد تنقسم إلى أقسام فمنها خبر الواحد وهو هذا الذي تقدم ذكره والقسم الثاني المستفيض وهو ما رواه ثلاثة فصاعدا وقيل ما زاد على الثلاثة وقال أبو إسحاق الشيرازي أقل ما تثبت به الاستفاضة اثنان قال السبكي والمختار عندنا ان المستفيض ما يعده الناس شائعا والقسم الثالث المشهور وهو ما اشتهر ولو في القرن الثاني أو الثالث إلى حد ينقله ثقات لا يتوهم تواطؤهم على الكذب ولا يعتبر الشهرة بعد القرنين هكذا قال الحنفية فاعتبروا التواتر في بعض طبقاته وهي الطبقة التي روته في القرن الثاني أو الثالث فقط فبينه وبين المستفيض عموم وخصوص من وجه لصدقهما على ما رواه الثلاثة فصاعدا ولم يتواتر في القرن الأول ثم تواتر في أحد القرنين المذكورين وانفراد المستفيض إذا لم ينته في أحدهما إلى التواتر وانفراد المشهور فيما رواه اثنان في القرن الأول ثم تواتر في الثاني والثالث وجعل الجصاص المشهور قسما من المتواتر ووافقه جماعة من أصحاب الحنفية واما جمهورهم فجعلوه قسيما للمتواتر لا قسما منه كما تقدم واعلم أن الخلاف الذي ذكرناه في أول هذا البحث من إفادة خبر الآحاد الظن أو العمل مقيد بما إذا كان خبر واحد لم ينضم إليه ما يقويه واما إذا انضم إليه ما يقويه أو كان مشهورا أو مستفيضا فلا يجري فيه الخلاف المذكور ولا نزاع في أن خبر الواحد إذا وقع الاجماع على العمل بمقتضاه فإنه يفيد العلم لأن الاجماع عليه قد صيره من المعلوم صدقه وهكذا خبر الواحد إذا تلقته الأمة بالقبول فكانوا بين عامل به ومتأول
49
نام کتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول نویسنده : الشوكاني جلد : 1 صفحه : 49