responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 266


التقليد بالمعنى المصطلح لا يشمل ذلك وهو المطلوب قال ابن دقيق العيد إن قلنا إن الأنبياء لا يجتهدون فقد علمنا أن سبب أقوالهم الوحي فلا يكون تقليدا وان قلنا إنهم يجتهدون فقد علمنا أن السبب أحد الأمرين إما الوحي أو الاجتهاد وعلى كل تقدير فقد علمنا السبب واجتهادهم اجتهاد معلوم العصمة انتهى وقد نقل القاضي في التقريب الاجماع على أن الأخذ بقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم والراجع إليه ليس بمقلد بل هو صائر إلى دليل وعلم يقين انتهى المسألة الثانية اختلفوا في المسائل العقلية وهي المتعلقة بوجود البارئ وصفاته هل يجوز التقليد فيها أم لا فحكى الرازي في المحصول عن كثير من الفقهاء انه يجوز ولم يحكه ابن الحاجب في المختصر الا عن العنبري وذهب الجمهور إلى أنه لا يجوز وحكاه الأستاذ أبو إسحاق في شرح الترتيب عن اجماع أهل العلم من أهل الحق وغيرهم من الطوائف قال أبو الحسين بن القطان لا نعلم خلافا في امتناع التقليد في التوحيد وحكاه ابن السمعاني عن جميع المتكلمين وطائفة من الفقهاء وقال إمام الحرمين في الشامل لم يقل بالتقليد في الأصول الا الحنابلة وقال الأسفرائيني لا يخالف فيه الا أهل الظاهر واستدل الجمهور بأن الأمة أجمعت على وجوب معرفة الله عز وجل وانها لا تحصل بالتقليد لان المقلد ليس معه الا الأخذ بقول من يقلده ولا يدري أهو صواب أم خطأ قال الأستاذ أبو منصور فلو اعتقد من غير معرفة بالدليل فاختلفوا فيه فقال أكثر الأئمة انه مؤمن من أهل الشفاعة وان فسق بترك الاستدلال وبه قال أئمة الحديث وقال الأشعري وجمهور المعتزلة لا يكون مؤمنا حتى يخرج فيها عن جملة المقلدين انتهى فيا لله العجب من هذه المقالة التي تقشعر لها الجلود وترجف عند سماعها الأفئدة فإنها جناية على جمهور هذه الأمة المرحومة وتكليف لهم بما ليس في وسعهم ولا يطيقونه وقد كفى الصحابة الذين لم يبلغوا درجة الاجتهاد ولا قاربوها الإيمان الجملي ولم يكلفهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو بين أظهرهم بمعرفة ذلك ولا أخرجهم عن الإيمان بتقصيرهم عن البلوغ إلى العلم بذلك بأدلته وما حكاه الأستاذ أبو منصور عن أئمة الحديث من أنه مؤمن وان فسق فلا يصح التفسيق عنهم بوجه من الوجوه بل مذهب سابقهم ولاحقهم الاكتفاء بالإيمان الجملي وهو الذي كان عليه خير القرون ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم بل حرم كثير منهم النظر في ذلك وجعله من الضلالة والجهالة لم يخف هذا من مذهبهم حتى على أهل الأصول والفقه قال الأستاذ أبو إسحاق ذهب قوم من كتبة الحديث إلى أن طلب الدليل فيما يتعلق بالتوحيد غير واجب وانما الغرض هو الرجوع إلى قول الله ورسوله ويرون الشروع في موجبات العقول كفرا وان الاستدلال والنظر ليس هو المقصود في نفسه وانما هو طريق إلى حصول العلم حتى يصير بحيث لا يتردد فمن حصل له هذا الاعتقاد الذي لا شك فيه من غير دلالة قاطعة فقد صار مؤمنا وزال عنه كلفة طلب الأدلة ومن أحسن الله إليه وانعم الله عليه بالاعتقاد الصافي من الشبهة والشكوك فقد أنعم الله عليه بأكمل أنواع والنعم وأجلها حين لم يكله إلى النظر والاستدلال لا سيما العوام فان كثيرا منهم تجده في صيانة اعتقاده أكثر ممن يشاهد ذلك بالأدلة انتهى ومن أمعن النظر في أحوال العوام وجد اعتقادها صحيحا فان كثيرا منهم تجد الإيمان في صدره كالجبال الرواسي ونجد بعض المتعلقين بعلم الكلام المشتغلين به الخائضين في معقولاته التي يتخبط فيها أهلها لا يزال ينقص إيمانه وتنتقض منه عروة عروة فان أدركته الألطاف الربانية نجا والا هلك ولهذا تمنى كثير من الخائضين في هذه العلوم المتبحرين في أنواعها في آخر أمره ان يكون على دين العجائز ولهم في ذلك من الكلمات المنظومة والمنثورة ما لا يخفى

266

نام کتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 266
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست