responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 262


من قال إن الحق واحد ومخالفه آثم فان هذا الحديث يرد عليه ردا بينا ويدفعه دفعا ظاهرا لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سمى من لم يوافق الحق في اجتهاده مخطئا ورتب على ذلك استحقاقه للأجر فالحق الذي لا شك فيه ولا شبهة ان الحق واحد ومخالفه مخطئ مأجور إذا كان قد وفي الاجتهاد حقه ولم يقصر في البحث بعد احرازه لما يكون به مجتهدا ومما يحتج به على هذا حديث القضاة ثلاثة فإنه لو لم يكن الحق واحدا لم يكن للتقسيم معنى ومثله قوله صلى الله عليه وآله وسلم لأمير السرية وان طلب منك أهل حصن النزول على حكم الله فلا تنزلهم على حكم الله فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا وما أشنع ما قاله هؤلاء الجاعلون لحكم الله عز وجل متعددا بتعداد المجتهدين تابعا لما يصدر عنهم من الاجتهادات فان هذه المقالة مع كونها مخالفة للأدب مع الله عز وجل ومع شريعته المطهرة هي أيضا صادرة عن محض الرأي الذي لم يشهد له دليل ولا عضدته شبهة تقبلها العقول وهي أيضا مخالفة لاجماع الأمة سلفها وخلفها فإن الصحابة ومن بعدهم في كل عصر من العصور ما زالوا يخطئون من خالف في اجتهاده ما هو انهض مما تمسك به ومن شك في ذلك وأنكره فهو لا يدري بما في بطون الدفاتر الاسلامية بأسرها من التصريح في كثير من المسائل بتخطئة بعضهم لبعض واعتراض بعضهم على بعض واما الاستدلال من القائلين بهذه المقالة بمثل قصة داود وسليمان فهو عليهم لا لهم فإن الله سبحانه وتعالى صرح في كتابه العزيز بان الحق هو ما قاله سليمان ولو كان الحق بيد كل واحد منهما لما كان لتخصيص سليمان بذلك معنى واما الاستدلال بمثل قوله تعالى « ما قطعتم من لينة أو تركتموها قائمة على أصولها فبإذن الله » فهو خارج عن محل النزاع لأن الله سبحانه قد صرح في هذه الآية بأن ما وقع منهم من القطع والترك هو بإذنه عز وجل فأفاد ذلك ان حكمه في هذه الحادثة بخصوصها هو كل واحد من الأمرين وليس النزاع الا فيما لم يرد النص فيه بخصوصه ان حكم الله فيه هو كل واحد من الأمرين وان حكمه على التخيير بين أمور يختار المكلف ما شاء منها كالواجب المخير أو ان حكمه يجب على الكل حتى يفعله البعض فيسقط عن الباقين كفروض الكفايات فتدبر هذا وافهمه حق فهمه واما استدلالهم بتصويب كل طائفة ممن صلى قبل الوصول إلى بني قريظة لمن خشي فوت الوقت وممن ترك الصلاة حتى وصل إلى بني قريظة امتثالا لقوله صلى الله عليه وآله وسلم لا يصلين أحد الا في بني قريظة فالجواب عنه كالجواب عما قبله على أن ترك التثريب لمن قد عمل باجتهاده لا يدل على أنه قد أصاب الحق بل يدل على أنه قد أجزاه ما عمله باجتهاده وصح صدوره عنه لكونه قد بذل وسعه في تحري الحق وذلك لا يستلزم ان يكن هو الحق الذي طلبه الله من عباده وفرق بين الإصابة والصواب فان إصابة الحق هو الموافقة بخلاف الصواب فإنه قد يطلق على من أخطأ ولم يصبه من حيث كونه قد فعل ما كلف به واستحق الأجر عليه وان لم يكن مصيبا للحق وموافقا له وإذا عرفت هذا حق معرفته لم تحتج إلى زيادة عليه وقد حرر الصفي الهندي هذه المسألة وما فيها من المذاهب تحريرا جيدا فقال الواقعة التي وقعت اما ان يكون عليها نص أو لا فإن كان الأول فاما ان يجده المجتهد أو لا الثاني على قسمين لأنه اما ان يقصر في طلبه أو لا يقصر فان وجده وحكم بمقتضاه فلا كلام وان لم يحكم بمقتضاه فإن كان مع العلم بوجه دلالته على المطلوب فهو مخطئ وآثم وفاقا وان لم يكن مع العلم ولكن قصر في البحث عنه فكذلك وان لم يقصر بل بالغ في الاستكشاف والبحث ولم يعثر على وجه دلالته

262

نام کتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 262
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست