responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 185


رفع حكم شرعي بمثله مع تراخيه عنه المسألة الثانية النسخ جائز عقلا واقع سمعا بلا خلاف في ذلك بين المسلمين الا ما يروى عن أبي مسلم الإصفهاني فإنه قال إنه جائز غير واقع وإذا صح هذا عنه فهو دليل على أنه جاهل بهذه الشريعة المحمدية جهلا فظيعا واعجب من جهله بها حكاية من حكى عنه الخلاف في كتب الشريعة فإنه انما يعتد بخلاف المجتهدين لا بخلاف من بلغ في الجهل إلى هذه الغاية واما الجواز فلم يحك الخلاف فيه الا عن اليهود وليس بنا إلى نصب الخلاف بيننا وبينهم حاجة ولا فيها أحكام الاسلام حتى يذكر خلافهم في هذه المسألة ولكن هذا من غرائب أهل الأصول على انا قد رأينا في التوراة في غير موضع ان الله سبحانه رفع عنهم أحكاما لما تضرعوا إليه وسألوا منه رفعها وليس النسخ الا هذا ولهذا لم يحكه من له معرفة بالشريعة الموسوية الا عن طائفة من اليهود وهم الشمعونية ولم يذكروا لهم دليلا الا ما ذكره بعض أهل الأصول من أن النسخ بداء والبداء ممتنع عليه وهذا مدفوع بأن النسخ لا يستلزم البداء لا عقلا ولا شرعا وقد جوزت الرافضة البداء عليه عز وجل لجواز النسخ وهذه مقالة توجب الكفر بمجردها والحاصل ان النسخ جائز عقلا واقع شرعا من غير فرق بين كونه في الكتاب أو السنة وقد حكى جماعة من أهل العلم اتفاق أهل الشرائع عليه فلم يبق في المقام ما يقتضي تطويل المرام وقد أول جماعة خلاف أبي مسلم الإصفهاني المذكور سابقا بما يوجب ان يكون الخلاف لفظيا قال ابن دقيق العيد نقل عن بعض المسلمين انكار النسخ لا بمعنى ان الحكم الثابت لا يرتفع بل بمعنى انه ينتهي بنص دل على انتهائه فلا يكون نسخا ونقل عنه أبو إسحاق الشيرازي والفخر الرازي وسليم الرازي انه انما أنكر الجواز وان خلافه في القرآن خاصة لا كما نقل عنه الآمدي وابن الحاجب انه أنكر الوقوع وعلى كلا التقديرين فذلك جهالة منه عظيمة للكتاب والسنة ولأحكام العقل فإنه ان اعترف بأن شريعة الاسلام ناسخة لما قبلها من الشرائع فهذا بمجرده يوجب عليه الرجوع عن قوله وان كان لا يعلم ذلك فهو جاهل بما هو من الضروريات الدينية وان كان مخالفا لكونها ناسخة للشرائع فهو خلاف كفري لا يلتفت إلى قائله نعم إذا قال إن الشرائع المتقدمة مغياة بغاية هي البعثة المحمدية وان ذلك ليس بنسخ فذلك أخف من انكار كونه نسخا غير مقيد بهذا القيد فان قلت ما الحكمة في النسخ قلت قال الفخر الرازي في المطالب العالية ان الشرائع قسمان منها ما يعرف نفعها بالعقل في المعاش والمعاد ومنها سمعية لا يعرف الانتفاع بها الا من السمع فالأول يمتنع طروء النسخ عليه كمعرفة الله وطاعته أبدا ومجامع هذه الشرائع العقلية أمران التعظيم لأمر الله والشفقة على خلق الله تعالى قال الله تعالى « وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله وبالوالدين إحسانا » والثاني ما يمكن طريان النسخ والتبديل عليه وهو أمور تحصل في كيفية إقامة الطاعات الفعلية والعبادات الجسمية وفائدة نسخها ان الاعمال البدنية إذا تواطأوا عليها خلفا عن سلف صارت كالعادة عند الخلق وظنوا ان أعيانها مطلوبة لذاتها ومنعهم ذلك عن الوصول إلى المقصود وعن معرفة الله وتمجيده فإذا غير ذلك الطريق إلى نوع من الأنواع وتبين ان المقصود من هذه الأنواع رعاية أحوال القلب والأرواح في المعرفة والمحبة انقطعت الأوهام من الاشتغال بتلك الظواهر إلى علام السرائر وقيل الحكمة ان هذا الخلق طبع على الملالة من الشيء فوضع في كل عصر شريعة جديدة لينشطوا في أدائها وقيل بيان شرف نبينا صلى الله عليه وآله وسلم فإنه نسخ بشريعته شرائعهم وشريعته لا ناسخ لها وقيل الحكمة حفظ مصالح العباد فإذا كانت المصلحة لهم في تبديل حكم بحكم وشريعة بشريعة كان التبديل لمراعاة هذه المصلحة وقيل الحكمة بشارة

185

نام کتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 185
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست