responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 9


بأنه إنما يترجح الصدق على الكذب في هذه الصورة لأن أهل العلم اتفقوا على قبح الكذب وحسن الصدق لما أن نظام العالم لا يحصل إلا بذلك والإنسان لما نشأ على هذا الاعتقاد واستمر عليه لا جرم ترجح الصدق عنده على الكذب ورد هذا بأن كل فرد من أفراد الإنسان إذا فرض نفسه خالية عن الإلف والعادة والمذهب والاعتقاد ثم عرض عليها عند هذا الفرض هذه القضية وجدها جازمة بترجيح الصدق على الكذب وبالجملة فالكلام في هذا البحث يطول وانكار مجرد إدراك العقل لكون الفعل حسنا أو قبيحا مكابرة ومباهتة وأما إدراكه لكون ذلك الفعل الحسن متعلقا للثواب وكون ذلك الفعل القبيح متعلقا للعقاب فغير مسلم وغاية ما تدركه العقول أن هذا الفعل الحسن يمدح فاعله وهذا الفعل القبيح يذم فاعله ولا تلازم بين هذا وبين كونه متعلقا للثواب والعقاب ومما يستدل به على هذه المسألة في الجملة قوله سبحانه « وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا » وقوله « ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى » وقوله « لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل » ونحو هذا البحث الثالث في المحكوم به هو فعل المكلف فمتعلق الايجاب يسمى واجبا ومتعلق الندب يسمى مندوبا ومتعلق الإباحة يسمى مباحا ومتعلق الكراهة يسمى مكروها ومتعلق التحريم يسمى حراما وقد تقدم حد كل واحد منها وفيه ثلاث مسائل المسألة الأولى ان شرط الفعل الذي وقع التكليف به أن يكون ممكنا فلا يجوز التكليف بالمستحيل عند الجمهور وهو الحق وسواء كان مستحيلا بالنظر إلى ذاته أو بالنظر إلى امتناع تعلق قدرة المكلف به وقال جمهور الأشاعرة بالجواز مطلقا وقال جماعة منهم انه ممتنع في الممتنع لذاته جائز في الممتنع لامتناع تعلق قدرة المكلف به احتج الأولون بأنه لو صح التكليف بالمستحيل لكان مطلوبا حصلوه واللازم باطل لأن تصور ذات المستحيل مع عدم تصور ما يلزم ذاته لذاته من عدم الحصول يقتضي أن تكون ذاته غير ذاته فيلزم قلب الحقائق وبيانه أن المستحيل لا يحصل له صورة في العقل فلا يمكن ان يتصور شيء هو اجتماع النقيضين فتصوره اما على طريق التشبيه بأن يعقل بين السواد والحلاوة أمر هو الاجتماع ثم يقال مثل هذا الأمر لا يمكن حصوله بين السواد والبياض واما على سبيل النفي بأن يعقل انه لا يمكن ان يوجد مفهوم اجتماع السواد والبياض وبالجملة فلا يمكن تعقله بماهيته بل باعتبار من الاعتبارات والحاصل ان قبح التكليف بما لا يطلق معلوم بالضرورة فلا يحتاج إلى استدلال والمجوز لذلك لم يأت بما ينبغي الاشتغال بتحريره والتعرض لرده ولهذا وافق كثير من القائلين بالجواز على امتناع الوقوع فقالوا يجوز التكليف بما لا يطاق مع كونه ممتنع الوقوع ومما يدل على هذه المسألة في الجملة قوله سبحانه « لا يكلف الله نفسا إلا وسعها » « لا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها » « ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به » وقد ثبت في الصحيح ان الله سبحانه قال عند هذه الدعوات المذكورة في القرآن قد فعلت وهذه الآيات ونحوها انما تدل على عدم الوقوع لا على عدم الجواز على أن الخلاف في مجرد الجواز لا يترتب عليه فائدة أصلا قال المثبتون للتكليف بما لا يطاق لو لم يصح التكليف به لم يقع وقد وقع لأن العاصي مأمور بالإيمان وممتنع منه الفعل لأن الله قد علم أنه لا يؤمن ووقوع خلاف معلومة سبحانه محال والإلزام الجهل واللازم باطل فالملزوم مثله وقالوا أيضا بأنه لو لم يجز لم يقع وقد وقع فإنه سبحانه كلف أبا جهل بالايمان وهو تصديق رسوله في

9

نام کتاب : إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول نویسنده : الشوكاني    جلد : 1  صفحه : 9
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست