نام کتاب : الأسس المنهجية في تفسير النص القرآني نویسنده : عدي جواد علي الحجار جلد : 1 صفحه : 95
من جهة التباين الكلي أو الجزئي بينهما, ومن حيث تاريخ نزول الآيتين من
ناحية التقدم والتأخر، وقد مرّ إطلاق النسخ عند علماء القرآن والمفسرين بمراحل
متعددة من التطور, وهذه المراحل تبدأ منذ العصور الأولى لهذا العلم، حيث كان يطلق
بعض الصحابة كلمة النسخ على مجرد مخالفة آية لأخرى في الظهور اللفظي، حتى لو كانت
هذه المخالفة على نحو العموم والخصوص من وجه أو نحو التخصيص، أو كانت إحدى الآيتين
مطلقة والأخرى مقيدة.
ولعل ذلك نتيجة للتوسع في فهم أصل
الفكرة، كما يمكن أن تكون نتيجة الفهم الأولي لأول وهلة لبعض الآيات القرآنية. ومن
هنا وقع الاختلاف بين العلماء في تعيين الآيات المنسوخة والآيات الناسخة([283]).
وبعد أن قطع العلماء في هذا المضمار
شوطاً ليس بالقريب, عنّ لهم ما اعتمدوه مصطلحا, ولما تقدم قد يُعذر من قال بالنسخ
من الماضين في مواضع ليست منه على ما اصطلح عليه المتأخرون, حيث إن أكثرهم لا يقصد
بالضرورة رفع مثل الحكم الثابت للآية المتقدمة بالآية المتأخرة.
فالنسخ في اللغة بمعنى الإزالة
والنقل, قال الجوهري: «نسخت الشمس الظل وانتسخته: أزالته. ونسخت الريح آثار الدار»([284]).
واصطلاحاً: «هو رفع أمر ثابت في
الشريعة المقدسة بارتفاع أمده وزمانه، سواء أكان ذلك الأمر المرتفع من الأحكام
التكليفية أم الوضعية، وسواء أكان من المناصب الإلهية أم من غيرها من الأمور التي
ترجع إلى الله تعالى بما أنه شارع»([285]),
أو هو بيان إيقاف استمرار حكم الآية لحكمة يقتضيها التشريع, معلومة له تعالى,
وينتج عن ذلك اختلاف الفهم إذا ثبت النسخ بين الآيتين أو لم يثبت, ما دامت هناك
علقة بين الآيتين تقتضي الجمع بين مفاديهما ومعالجته, ولو كان بالمعنى التبعي
الإلتزامي للنص, فالألفاظ إما أن تدل بمنطوقها أو بفحواها أو باقتضائها وضرورتها
أو بمعقولها المستنبط منها, فالأول دلالة المنطوق والثاني دلالة المفهوم والثالث
دلالة الاقتضاء والرابع دلالة الإشارة([286]).
[283]- ينظر: أبو القاسم الخوئي: البيان في تفسير
القرآن/ 277.