وأظهر من ينطبق عليه قول النبي صلى الله عليه
وآله وسلم كما في الخبر: (لما أخبر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ابنته فاطمة
بقتل ولدها الحسين، وما يجري عليه من المحن، بكت فاطمة بكاء شديداً، وقالت: يا أبت
متى يكون ذلك؟ قال: في زمان خالٍ مني ومنك ومن علي، فاشتد بكاؤها، وقالت: يا أبت،
فمن يبكي عليه؟ ومن يلتزم بإقامة العزاء له؟ فقال النبي: فاطمة، إن نساء أمتي يبكون
على نساء أهل بيتي، ورجالهم يبكون على رجال أهل بيتي، ويجدّدون العزاء جيلاً بعد
جيل في كلّ سنة) الحديث([57]).
فإن العزاء
المتجدّد كل سنة هو ذلك اللطم والشبيه والمواكب التي تكون في عموم بلدان الشيعة
سنوياً لا يومياً، مثل المآتم.
إن لطم
الخدود وشق الجيوب مما لا ريب في مرجوحيّته على غير الحسين عليه السلام وأما عليه
عليه السلام ففضلاً عن جوازه قد رغّب فيه كثير من الأخبار، كالمروي في التهذيب عن
خالد بن سدير، عن الصادق عليه السلام، وفيه: (ولقد شققن الجيوب ولطمن الخدود
الفاطميات على الحسين بن علي عليه السلام، وعلى مثله تلطم الخدود وتشق الجيوب)([58]).
وإذا كان
لطم الخدود مندوباً كان لدم الصدور أولى بالرجحان([59])،
وسيأتي في بعض التذكارات الآتية عدّ لطم الصدر في بعض الأخبار من الجزع، وفيه تعرض
أن الجزع نفسه في مصاب الحسين عليه السلام مرغّب فيه، مندوب إليه.