نام کتاب : ابكِ فإنك على حق: بحث استدلالي لإثبات مشروعية البكاء على سيد الشهداء عليه السلام نویسنده : وسام البلداوي جلد : 1 صفحه : 20
الإنسان - عالمين وبعدين بعداً
مادياً وبعد روحياً، أو قل بعداً ظاهرياً وبعداً غيبياً، ولكل من هذين العالمين
قوانينه الخاصة، وإن كان هنالك ترابط وثيق وحقيقي بين كلا العالمين، وما يقع في
أحد هذين العالمين سيؤثر وبشكل فاعل على العالم الآخر كما سنرى ذلك عند استعراضنا
لبعض الأحاديث الشريفة، ومن تلك الفوائد التي أحببنا تبيانها للبكاء ما يلي:
ألف: إن الحزن والبكاء
من مظاهر التقوى والخشوع
ففي خطبة الإمام أمير المؤمنين عليه
السلام التي وصف فيها المتقين جاء: «فالمتقون فيها أهل الفضائل... قلوبهم
محزونة... تالين لأجزاء القرآن يرتلونه ترتيلا يحزّنون به أنفسهم»([13]) فالحزن وفق هذه الكلمات
الشريفة لأمير المؤمنين هو من جملة فضائل المتقين وميزاتهم.
وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إذا أحب الله عبداً نصب
في قلبه نائحة من الحزن، فإن الله يحب كل قلب حزين، وأنه لا يدخل النار من بكى من
خشية الله حتى يعود اللبن في الضرع، وإذا أبغض الله عبدا جعل في قلبه مزماراً من
الضحك وإن الضحك يميت القلب والله لا يحب الفرحين»([14]).
وعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: «بكاء العيون وخشية القلوب من رحمة الله
تعالى ذكره فإذا وجدتموها فاغتنموا الدعاء، ولو أن عبداً بكى في أمة لرحم الله
تعالى ذكره تلك الأمة لبكاء ذلك