«إنَّما خرجت لطلب الإصلاح في أمّة جدّي...».

شتّان بين البقاء والفناء، وبين الهزيمة والفداء، وبين إرادة التضحية ليحيى الآخرون سعداء، وأن يموت الجميع ليعيش البعضُ للفناء.. وهكذا تبقى ثورة عاشوراء تحطّم استبداد النفوس الطاغية على إرادة المعرفة لتستعيد لها هيبة الانتصار..

كان اليوم العاشورائي مضمخاً بدماء التضحية كما هو مضمخٌ بعبير زهو الانتصار ليفتح للنفوس المتورّمةِ بحمى الخيلاء، والهائجة بعقدة الذنب مساحات شاسعة من التغيير، بل ومن التعبير عمَّا يعتلجُ في النفوس من دواعي المعرفة والوصول إلى الحقيقة، فكان صوت الحرَّ حرّاً في الاختيار، وقد سبقه قبل ذلك زهير بن القين في التحرّر من الانصياع إلى تقديس الاعتقاد الذي رضخ له طائعاً أو مكرهاً من دون أن يُعطي للعقل حقّهُ وللنفس تعبيرها..

كان الموقف الحسيني قد أثرى النفوس القاحلة بمعين المعرفةِ لتنقدح في القلوب المجدبة واحات الحقّ، وقد استمالت دعوة الحسين للنصرة ثلاثين مقاتلاً من معسكر آل أبي سفيان لينحازوا إلى الحقّ حتَّى في آخر لحظات الثورة والانتصار..