وقد بيّن
المفسرون أنها ليست خاصة للنبي آدم عليه السلام بل هي شاملة لأبنائه أيضاً.
وما
التجارب البشرية عبر الأدوار المتنوعة في التاريخ إلا مظاهر معبرة تعبيراً حياً عن
الصدقيّة العملية - في النتيجة - لحقيقة الانتصار الإلهي لمسيرة رجال الله، وهذا
المعنى تشير إليه الآية المباركة في قولهتعالى:
والواقع
أنّ أزمة تأسيس الدولة وبناء الوطن بشكل عادل، يضمن حماية حقوق الناس، ويوظف
طاقاتهم في بناء الحياة، على ضوء نظريات وتصورات البشر بقيت تراوح محلها كحصان
الناعور الذي يدور في دائرة ضيّقة ويحسب أنه يقطع مسافات طويلة، وبالفعل ما إن
تباشر هذه النظريات عملها في معالجة أزمة حياتية إلاّ وتختنق بأزمات أكثر منها في
الشدة والإيلام، وهكذا نلاحظها قد انكمشت داخل حدودها، بل انتكست إلى الخلف
بتجاربها المعاصرة، مما أدى - هذا الانتكاس - إلى تكريس أزمة الفكر السياسي
المعاصر، في مختلف تبنّياته الفكرية ورؤاه العملية. وبالفعل شهد الربع الأخير من
القرن العشرين تهاوي صروح المعسكر الشرقي سياسياً، بعد أن عاش واقعه الفكري هزيمة
تامة في خريف مروّع، تساقطت أوراقه الصفراء عن شجرته الاصطناعية، وبالمقابل -
أيضاً - غرقت الحضارة الغربية في وحل الأزمات الإنسانية المتنوعة، رغم ضجيجها الإعلامي،
وإمكانياتها الاقتصادية والتقنية، ليعود الإنسان المثقل بهمومه وتطلعاته - بين
فترة وأخرى - إلى نقطة الصفر باحثاً بِنَهَمٍ وشغفٍ عن هويته الفطرية وروحه
الإنسانية، كالضائع الذي يبحث بجدّيةٍ وصدقٍ عن سبل تحقيق السعادة.
كل ذلك بعد
رحلة شاقة من العناء والتعب، في الإطار الفكري والسلوكي على المستوى الشخصي
والاجتماعي. بينما تفتح بصائر القرآن وتجارب المسلمين في التاريخ آفاقاً صافية،
ليتزوّد منها المتلقون وعياً ناضجاً بالاعتماد على الله سبحانه في حركتهم، وعزماً
واثقاً بالإرادة الذاتية القادرة عبر تلك البصائر من بناء الحياة السعيدة في
المدينة الفاضلة التي