إلاّ أنه،
قد انقلب السحر على الساحر، وكُشفت الدسيسة البريطانية من قِبل الشعب، ولم تحقق -
هذه الخطة - أياً من الهدفين، وقد فكّر الملك بمؤازرة العشائر وتسليحهم لصد
الحملات العدوانية إن حدثت في المستقبل، وهذا الأمر أي التسليح الشعبي سوف يمنح
الثورة فرصة جديدة للانفجار ضد المحتلين في يومٍ ما، إلا أن سلطات الاحتلال أدركت
خطورة الموقف فطأطأت برأسها أمام العواصف، وقد تراجع الملك عنفكرته.
أما الذي حدث رسمياً هو ما قرره مجلس الوزراء في جلسته
المنعقدة في 16 آذار 1922م، 18 رجب 1340هـ بتخويل محافظ المنتفك (الناصرية) في
تقدير الخسائر وتسديدها للمتضررين من الحوادث، وفي جلسته المنعقدة في 18 آذار قرر
المجلس إرسال لجنة للوقوف على أسباب الحادثة، وتفصيلاتها وأسبابها، ومن ثم تقدير
الخسائر وما يلزم من المعونات للأهالي. وبالفعل قدمت اللجنة تقريرها إلى مجلس
الوزراء في 27 آذار، بعد جولتها الميدانية، وقد أرفقت تقريرها بعدة توصيات خاصة،
لتفادي أمثال هذه العمليات الهجومية في المستقبل([1175]).
ولقد كان
الملك فيصل منذ تتويجه في 23 آب 1921م، 18 ذي الحجة 1339هـ، يعيش حالة من التجاذب
بين المندوب السامي وبين أوساط المعارضة الإسلامية. وكان - كما يبدو لنا - يريد أن
يمسك العصا من الوسط بشكلٍ متوازن، ليضمن دعم بريطانيا لعرشه من ناحية، ولكي لا
يثير المعارضة الإسلامية ضده من ناحية أخرى. فكأنه يحاول أن يسير في حقلٍ مزورعٍ
بالألغام، بشكلٍ حذر. وكانت حالته القلقة تظهر في أحاديثه وخطاباته، وإن كان أمره
واضحاً لدى القيادات الإسلامية إلاّ أن محاولاته التقريبية لا تخلو من تأييد شعبي
معين، وأحياناً كانت تخدمه حالة الحماس الشخصي فيقف إلى جانب مطاليب الشعب
باندفاع، فمثلاً في مسألة الاعتداء على عشائر العراق من قبل آل سعود، يذكر أن
الملك كان متحمساً