وأبو الفضل العباس موقعه من أصحاب الحسين موقع القطب من الرحى فهو
المتقدم في كل كريهة يردّها عن ابن رسول الله.
عُرِضَ الأمان عليه، فردّه.
ولما فتح الحسين عليه السلام لأصحابه باب الرجوع كان أبو الفضل أوّل من
أجابه بالتزام البقاء بل حثّ أخوته على التقدم قبله للقتال كي يعيش مصيبة
استشهادهم ويحتسبهم عند الله ولعلّه ليطمئن إلى إقدامهم وعدم تزلزلهم في الموقف
الهائل الذي يزلزل الجبال والصناديد ويطمئن إلى أن أولاد علي بطل الأبطال، والذي شرى
نفسه وكل ما يملك لله، قد ساروا مسيرة أبيهم والتحقوا به بنفس طريقه وفدوا أخاهم
الحق، وهكذا كان.
ولما طلب الحسين عليه السلام منه الماء لسقي الصبية والعيال بادر إلى
طاعته وواجه جيوش الشرك والرذيلة وحده ودخل شريعة الماء لكنّه تناول كفاً ليشرب
فيستعين على القتال إذ تذكّر عطش أخيه فرمى الماء من يده وضرب بذلك أعلى مثل في
التضحية والإيثار ونكران الذات والفدائية والتسامي بما لا مثيل له ولا نظير.
في حقيقة الأمر: أنّ كل شيء انتهى
يوم عاشوراء ووصل إلى نقطة النهاية غير أن حركة الحسين، وتضحية الحسين، وعطش
الحسين، وما صاحب هذا من تضحيات آل الحسين وصحب الحسين ــ
[117] ورد هذا في موارد متعددة من نهج البلاغة، فراجع.