نام کتاب : القيم التربوية في فكر الإمام الحسين عليه السلام نویسنده : حاتم جاسم عزيز السعدي جلد : 1 صفحه : 15
تمحى من الوجود
أبداً، ذلك إنها تعبر عن خلوص نية، وعمق إرادة، وكمال إخلاص، وصفاء فكر. ([39])
وإننا في
هذا الزمان – كما كان الناس قَبْلَنا – بحاجة إلى فكر نوراني ملهب ورشيد في آن
واحد كفكر الإمام الحسين عليه السلام ، وإلى الانفتاح الإنساني الواسع على شخصيته
عسى أنْ نستفيد من مخزونه الروحي والقيمي والثقافي واستثماره في معالجة قضايانا
الكئود، وحل إشكاليات الإنسان العميقة في هذا العصر.
فلم يعد
الحسين مجرد ثورة وحركة جهادية، بل هو مشعل نور متوهج ومتألق في كل شيء.
وإذا كان
الناس قد أفرطوا في حب الحسين والتأثر بمواقفه السياسية والجهادية، فإننا نطالبهم
بالإفراط في اتخاذه قدوتهم في المعرفة والأخلاق والإصلاح الاجتماعي والأدب
والتربية الجهادية والانتصار على شهوات الذات، والمبالغة في الارتباط بكل جانب من
جوانب حياته المضيئة. (فالإنسان المؤمن وغير المؤمن بحاجة إلى معرفة
الحسين الثائر والحسين المصلح الاجتماعي
وبحاجة لروح الحسين العرفاني والحسين الشاعر
والحسين المربي والحسين المرشد الأخلاقي
والحسين السياسي المتمكن، والحسين المجاهد المقاتل الذي لا
يأبه الموت ولا يخافه.
وبذلك يمكن
أنْ يتحول المنبر الحسيني إلى منظومة ثقافية واسعة، وحركة عقلانية منظمة تطل على
شخصية الإمام من جوانبها جميعها دون تركيز على الجانب المأساوي
وحده، نعتز به ميراثاً إنسانياً لا فعلاً يختصر شخصية الحسين ويهمش
فعاليتها، بل ينبغي تفحص تراث الإمام الحسين عليه السلام في الفكر والعلم والتربية والأخلاق والقيم والأدب والشعر والعرفان الروحي،
والإصلاح الاجتماعي، والنشاط السياسي، وأنْ تعقد حواراً بين هذا التراث والواقع
الإنساني، فتستنطقه الأمة في قضاياها الإنسانية المعاصرة، وتستمد منه معرفة
مستنيرة قادرة على مواجهة إشكاليات العصر.