فوصول جون مولى أبي ذر إلى هذا الكمال وهذه الرفعة لم يكن جزافاً، فمن
تمسك بولاية آل محمد تمسكاً إيمانياً وعقائدياً، لا مكان له إلا في الروح والريحان،
فإذا كان نور الولاية والمحبة لعلي وأولاده المعصومين يذهب بظلمة المعاصي، وسواد الخطايا،
فليس بعجب أن يزيل ذلك النور السواد الذاتي من ذلك الحبشي الذي ولد في حبّ علي
وأولاده، وعاش في حبّهم وقتل في حبّهم وبذل مهجته دونهم، كما في قصة جون مولى أبي
ذر ولاسيما إذا دعا الإمام له بقوله:
اللهم بيّض وجهه، وطيّب ريحه واحشره مع الأبرار ([71]).
ومن كلمات الخلد في حق جون يقول السيد شرف الدين:
أمّا ذلك العبد الأسود الفقير، الذي لم يكن له من الأثر في الحياة، ما
يملأ الشعور أو يشغل الذاكرة (جون مولى أبي ذر