إن المقتل المتداول والمطبوع اليوم لأبي مخنف ليس هو النسخة الأصلية، وإنما
هو النسخة المأخوذة عن كتاب تاريخ الطبري. وهذا يدل على أن النسخة الأصلية كانت
موجودة عند الطبري ينقل عنها، والظاهر انه لم ينقلها بتمامها وإنما نقل بعضا منها،
والسبب في ذلك معروف وهو خوفه من السلطة العباسية في زمانه،وثانيا طبيعة الاتجاهات
المذهبية الحاكمة،ونفس مذهب وانتماء الطبري يمنعه من نقل بعض حقائق واقعة كربلاء،
ولذلك ورد في هذه النسخة مما لا يتناسب وحادثة الطف والإِبَاءِ العلوي وغير ذلك من
المؤاخذات عليه. فظاهر كلام الطبري أن أبا مخنف هو المؤصل لهذا الشك.
أقول: ولو فرضنا أن الشكَ من كلام أبي مخنف، فان منشأه عدم حصوله على الخبر
الصحيح، فلعل الأخبار في عصره كانت متضاربة حول شهادة محمد الأصغر، فما حصل عليه
من الأخبار لم يكن تاما كاملا، وعليه فإن شكه في قتل أبي بكر محمد الأصغر ابن علي رضي
الله عنه لا يدل