عاش الإمام أبو الحسن موسى بن جعفر عليه السلام في ظل أبيه الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام عشرين عاماً، وقد لازمه طوال هذه المدة فلم يفارقه في حله وترحاله، وكان الإمام الصادق عليه السلام يرى فيه صورة صادقة لاخلاق جدّه الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم التي امتاز بها عن سائر الأنبياء عليهم السلام، كما كان يرى فيه ذاتيات الأئمة الطاهرين عليهم السلام، وهو الامتداد الطبيعي للإمامة والنيابة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم فاهتم بأمره وأشاد بعظم شأنه وجلالة منزلته أمام خواصّه وثقاته من الشيعة من أجلّ الحفّاظ عليه قائلاً عليه السلام: «استَوْصُوا بابني موسى خيراً، فانّه أفضل ولدي ومن أُخلِّفُ من بعدي، وهو القائم مقامي، والحجة لله تعالى على كافة خلقه من بعدي»([93])، وقد اتيحت الفرصة للإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام فنشر من علوم الرسالة الإسلامية ما ملأ الآفاق وكانت مدرسته العلمية في الكوفة من أكبر المدارس الفكرية في الإسلام، فقد روي عن الحسن بن علي الوشاء قوله: (أدركت في هذا المسجد تسعمائة شيخ كل يقول حدّثني جعفر بن محمد) ([94])، تلك المدرسة التي جمعت كل علوم عصرها من فقه وأدب وأصول وعقيدة وتفسير ولغة، وادخلت في برامجها الكيمياء وكان رائد علم