لذا فسنقوم بمحاولة السير دبر الآيات الكريمات (وهذا هو التدبّر المحمود) في مواضع منتقاة من القرآن, محاولين سبر أغوار معانيها واستجلاء مراميها، راجعين في القرآن للقرآن، عملاً بأمر ربنا وأوليائه الكرام، لذا فلا غرو أن يجد القارئ موارد عديدة تخالف ما تعود على قراءته في المعاجم اللغوية، والسبب واضح فكون القرآن مرجعا حاكما على غيره، خلاف السائد من الرجوع لمعرفة معانيه الى معاجم جاءت بعده ولكنها تستلهم آراء الأعراب من شعراء وأدباء في معانيه، فالدلالة على اللفظة القرآنية بأختها هو السير الدلالي السليم، فنحن لن نطلب الهدى في غيره، ولو اضطررنا للرجوع الى بعض المعاجم لكان ذلك للتوصل الى المعنى القرآني عن طريق الآيات وليس المعاجم نفسها، ومن يقرأ بتأمل سيعرف الفرق. وكذلك باستجلاء العناصر المتحركة في الآية من الثابتة ومحاولة ربط المتحركة بأمثالها من الالفاظ في باقي الآيات[1] للتوصل الى اللفظ المراد بيانه.

والهدف من هذا المؤلف هو استجلاء معانٍ ظلت أسيرة بين آراء متراكمة طوال قرون،لعدم اتباع المنهج السليم في بيانها.

وبعد، فهذا الكتاب يضم أبحاثا عدة تعتمد القرآن في فهم القرآن وتستأنس بالسنة, وقد كنت قد كتبتها خلال قراءتي القرآن