وأنتَ على نَهجِ بَصيرةٍ وهُدى، وهُم على سُنَنِ ضَلالةٍ وعَمَى، فما زالُوا على النِّفاقِ مُصرِّينَ، وفي الغَيِّ مُتَردِّدينَ، حتى أذاقَهُمُ اللهُ وبالَ أمرِهِم، فأماتَ بسيفِكَ من عاندَكَ، فَشَقِيَ وهَوَى، وأحَيا بحُجتِكَ من سَعِدَ فَهُدِيَ، صلواتُ اللهِ عليكَ غاديةً ورائحةً، وعاكفةً وذاهبةً، فما يُحيطُ المادحُُ وصفَكَ، ولا يُحبِطُ الطَّاعِنُ فضلَكَ. أنتَ أحسنُ الخَلقِ عبادةً، وأخلصُهُم زَهادةً، وأذبُّهُم عن الدِّينِ، أقمتَ حُدودَ اللهِ بجُهدِكَ، وفللتَ عساكِرَ المارِقينَ بسيفكَ، تُخمِدُ لَهَبَ الحَروبِ بَبَنَانِكَ، وتَهتِكُ سُتُورَ الشُّبَهِ ببيانِكَ، وتَكشِفُ لُبْسَ الباطِلَ عن صريحِ الحقِّ، لا تأخذُكَ في الله لومةُ لائمٍ. وفي مَدحِ اللهِ تعالى لكَ غِنى عن مَدحِ المادحينَ وتقريظِ الواصفينَ، قال الله تعالى: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً([661]).
[659] أسفر الحق: أي أضاء وأشرق.
[660] أصل السفه من الخفة والميل والحركة ويستعمل للطيش والجهل، فلعل المقصود بها سقوط المنكر وبيان فساده وطيشه.
[661] سورة الأحزاب الآية 23.