أصحابها
تخلوا عن غرورهم وكبرهم.. لقد رأيتم كيف سيق بنو قريظة بعد خيانتهم إلى المقصلة
برؤوس مرفوعة تكبرت عن مجرد الاعتذار عما بدر منها من خيانة.
وقد رأيتم كيف عفا رسول
الله (ص) عن كل من ارتكب جرائم
كبرى استحق لأجلها أن يهدر دمه، ولكنه بمجرد اعتذاره عفي عنه، ومحيت كل ذنوبه،
وصار واحدا من أمته (ص)..
نظر إلى دوج، وقال: هذا هو
الوجه الأول من وجوه الرحمة..
أما الوجه الثاني، فتوجهت
به تشريعات الإسلام لكل من لا ناقه له في الحرب ولا جمل.. كالنساء والصبيان والشيخ
الفانِي والأجير والعابد في صومعته وغيرهم.. فهؤلاء وردت النصوص الشديدة بتحريم
المساس بهم.
ففي الحديث: وُجِدت امرأة
مقتولة في بعض مغازي رسول الله (ص)، فنهى
رسول الله (ص) عن قتل النساء والصبيان([607]).
وفي حديث آخر: كنَّا مع
رسول الله (ص) في غزوةٍ، فرأى النَّاس
مجتمعين على شيءٍ، فبعث رجلاً، فقال:(انظر علام اجتمع هؤلاء)، فجاء، فقال: على
امرأةٍ قتيلٍ. فقال: (ما كانت هذه لتقاتل). قال: وعلى المقدمة خالد، فبعث رجلاً،
فقال: (قل لخالد: لا يقتلنَّ امرأةً ولا عسيفًا)([608])
التفت إلى الجمع، وقال:
انظر رحمة الجهاد في الإسلام.. حتى العسيف الذي هو الأجير، فالعمال الأجراء حتى لو
حضروا المعركة لايجوز قصدهم بالقتال إذا كانت خدماتهم لا تتصل