وكان رسول الله (ص) تأخذه الشقيقة في بعض تلك الأيام فيبعث أناساً من
أصحابه فلم يكن فتح ومنهم أبو بكر وعمر.
ثم قال (ص) لمحمد بن مسلمة:(لأعطين الراية غداً لرجل يحب الله
ورسوله ويحبه الله ورسوله، لا يولي الدبر يفتح الله عز وجل على يديه فيمكنه من
قاتل أخيك)
وفي الغد بعث رسول الله (ص) إلى عليّ ، وكان أرمد شديد الرمد، فجيء به إلى
رسول الله (ص) وقد عصب عينيه فعقد له
لواءه الأبيض وتفل في عينيه ودلكهما فبرأ حتى كأن لم يكن بهما وجع، وقال عليّ: فما
رمدت بعد يومئذ، ثم دعا النبي (ص)
لعليّ بقوله:(اللهم اكفه الحر والبرد)، قال عليّ: فما وجدت بعد ذلك لا حراً ولا
برداً، فكان يلبس في الحر الشديد القباء المحشو الثخين ويلبس في البرد الشديد
الثوب الخفيف فلا يبالي البرد([588]).
فلما أخذ عليّ الراية قال:
أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا، فقال رسول الله (ص):(انفذ
على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام، فإن لم يطيعوا لك بذلك فوالله
لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم)
فخرج عليّ حتى ركز الراية
تحت الحصن، ثم خرج إليه أهل الحصن، وكان أول من خرج إليه منهم الحارث أخو مرحب
وكان مشهوراً بالشجاعة فقتله عليّ وانهزم اليهود إلى الحصن (وهو حصن ناعم) ثم خرج
إليه مرحب لابساً درعين ومتقلداً سيفين ومعتماً بعمامتين، ولبس فوقهما مغفراً
وحجراً قد ثقبه قدر البيضة، ومعه رمح فبرز له عليّ ثم حمل مرحب على عَلِيّ وضربه
فطرح ترسه من يده، فتناول عليّ باباً كان عند الحصن فتترس به عن نفسه فلم يزل في
يده وهو يقاتل
[588] ذكرنا النصوص الكثيرة
الدالة على هذا ومثله في رسالة (معجزات حسية) من هذه السلسلة.