قلت: بل
يؤذون غيرهم.. فما ذنب أولئك البسطاء الذين لم يسمعوا إلا خطبهم، ولم يقرأوا إلا
كتبهم، ولم يتفرجوا إلا على صورهم؟
قال: أصدقك
القول.. من صدق وجد.. وقديما قال أولياء الله: جد صدقا، تجد مرشدا.
قلت: ما
تقصد؟
قال: الحق
عزيز.. فلذلك توضع في طريقه العقبات.
قلت: لم؟
قال:
ليتميز الصادق من الكاذب، والمخلص من المنافق، والراغب من النافر.. ألم تسمع قوله
تعالى، وهو يشير إلى هذه السنة من سنن العدالة الإلهية:﴿
أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ
وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ
صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ﴾ (العنكبوت:2 ـ
3)؟
قلت: أعلم
أن الفتن هي نار الله الحارقة التي يتميز بها الخبيث من الطيب.. وأنها أسئلة
الاختبار التي يفلح المكلف على أساسها أو يخسر.. وأنها المقياس الذي يحدد أنواع
القلوب وطبائعها.
قال: فلذلك
كان لابد لتمييز الطيب من الخبيث من الفتنة.. والذي ينكر الفتن كالذي ينكر
الامتحان نفسه، لأنه لا امتحان بدون أسئلة.