الملك بن مروان قال للحجاج بن
يوسف: ما من أحد إلا وهو عارف بعيوب نفسه، فعب نفسك، ولا تخبئ منها شيئا، فقال: يا
أمير المؤمنين.. أنا لجوج حقود حسود، فقال له عبد الملك: إذا بينك وبين إبليس
نسب، فقال: يا أمير المؤمنين إن الشيطان إذا رآني سالمني.
قال
الثاني: أضف إلى هذا ما روي عن سميك الحجاج أنه قال لرجل، وقد أراد أن ينفذه في
بعض أموره: أعندك خير؟ قال : لا ولكن عندي شر.. فقال الحجاج: إياه أردت.. وأنفذه
فيه.
ضحكا
جميعا، ثم انصرفا.
***
سرت هذه الأصوات من أذني إلى قلبي..
فملأتني بالألم.. لقد ذكرت حينها قوله (ص) : (لا
تقوم الساعة حتى تمتلئ الأرض ظلما وعدوانا، ثم يخرج رجل من أهل بيتي فيملأها قسطا
وعدلا كما ملئت ظلما وعدوانا )([3])
لقد
تحققت نبوءة رسول الله (ص)
في شقها الأول.. فها هي الأرض تمتلئ ظلما وجورا وعدوانا..
لقد
صار الجور هو الشيطان الأكبر الذي اعتلى عرش البشرية.. فهو يعطي قراراته في جميع
مجالسها ومجامعها وهيئاتها ومنظماتها.. ابتداء من تلك المنظمة الكبرى التي زعم
البشر أنهم أسسوها لخدمة البشرية.
فهي منظمة تتكلم في الوقت الذي يشاء
لها الأقوياء أن تتكلم.. وتسكت إذا شاءوا لها أن تسكت.. وإن تكلمت رغم أنف أحدهم
كان بالخيار بين أن يسكتها بما يسميه حق الفيتو.. أو أن
[3] رواه أبو يعلى وابن
خزيمة وابن حبان والحاكم.. والحديث متواتر تواترا معنويا.