انصرف
الجمع.. وحل بدله جمع آخر.. لم أسمع منه إلا أصواتا ضعيفة هزيلة لا تكاد تبين:
قال
أحدها: ألم يكفهم أن امتصوا دماءنا.. واستلبوا أرضنا.. وأحالوا حياتنا جحيما لا
يطاق؟
قال
آخر: هم يريدون منا بعد هذا أصواتنا.
قال
آخر: لقد ظللنا طول عمرنا نعطيهم من الأصوات ما يطلبون.. لكنا لم نجن شيئا.. لم
نجن إلا المواعيد التي لم تغن عنا شيئا.
قال
آخر: لقد ظللت طول عمري ذيلا من أذيالهم.. فلما أصابني ما أصابني الله به من
العاهة طردوني كما يطرد الكلب العقور.
قال
آخر: وأنا لم يكتفوا بطردي.. بل راحوا يفرضون علي من الإتاوات ما ملأني بالفاقة
والعجز.. وهم ـ مع هذه الحال التي وصلت إليها ـ لا يكفون عن مطالبتي.. ولو وجدوا
في دمائي ما يسد شرههم لامتصوا دمائي.
قال
آخر: لقد حصل معي ذلك.. فبعد أن عجزت أن أقضي ما علي نحوهم من ديون ـ على حسب ما
يعتقدون ـ راحوا يعبثون بجسدي.. فانتزعوا كليتي.. وكادوا ينتزعون قلبي لولا أنهم
وجدوا فيه من العطب ما يحول بينهم وبينه.
قال
آخر: فهل ستنتخبون؟
قالوا
جميعا بصوت واحد: أجل.. لقد فرض ذلك علينا فرضا.. ولا نملك إلا أن نؤدي الفرائض..
فلن تتحقق الديمقراطية ولا العدالة إلا بأصواتنا.