سنسلّط الضوء في هذا الفصل على أصلين كبيرين من أصول دين الإشاعة القرشي الخفي الخطير، هما الإرجاء والاعتزال، غرضهما الخبيث أضفاء الشـرعيّة الكاملة لكلّ ما اجترحه خصوم محمد وآل محمد (علیهم الاسلام)..

وبعبارة أوضح، فالغرض هو طمع الإمبراطوريّة القرشيّة، مشركة الأمس طليقة اليوم، بالخلافة وكرسي السيادة، ولا منافس لهم في تحقيق هذا الغرض غير المشـروع، غير محمد وآل محمد؛ فلا بدّ من إضعافهم في الصـراع ليتسنّى لهم ذلك، ولا يتسنّى لهم ذلك من دون الإرجاء الذي يشـرعن الاعتزال أيّما شرعنة، وبالتالي يشرعن أفعال خصومهم من الناكثين والقاسطين والمارقين..

ما زال هذان الأصلان المتداخلان نابضان منذ العهد النبوي وما بعده حتى يومنا هذا؛ فما انفكّا ماضيين في تحجيم القرآن الكريم، وتسفيه سنّة سيّد المرسلين، بل بديهيّات العقل وضروريّات الفطرة حتّى اللحظة..

المسلم سنياً كان أو شيعياً ما انفكّ يعيش وطأة هذا الدين المناقض بالكليّة لدين الإسلام ألف وأربعمائة سنة حتى اليوم..

أهل السنّة يعيشونه ـ بدراية أو بغير دراية ـ لكونه دين الآباء، وبعضهم يهديه الله تعالى للحقّ فيأسف على ما فات، وأمّا الشيعي فيعلم أنّ كلّ ما يناقض أصوله هو باطل، لكن جلّ الفريقين لا يعلم بموضوعيّة وعلميّة أنّ بذور هذا الباطل، هي مجرد إشاعات باطلة وإرجافات كاذبة، صيغت في منظومة معرفيّة متماسكة (=مركّبة) يعسر على جلّ الخلق كشف كذبها وزيفها وهرائها قبل وقوع الفأس في الرأس..