responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الحکمة من بلاء و الموقف المنه نویسنده : الشیخ مقداد الربیعي    جلد : 1  صفحه : 133

فالقرآن لا يمنع من الاختيار ونسبة الأفعال إلى البشـر كقوله تعالى: وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا وَاللهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لا تَعْلَمُونَ([306])، فنسب فعل الفاحشة إليهم، وقوله تعالى: وَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ لِي عَمَلِي وَلَكُمْ عَمَلُكُمْ أَنْتُمْ بَرِيئُونَ مِمَّا أَعْمَلُ وَأَنَا بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ([307])، وقال: لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ ([308]).

فأصل نسبة الفعل إلى فاعله مما لا ينكره القرآن الكريم وإنما ينكر دعوى الاستقلال في الفعل والاستغناء عن مشيته وإذنه تعالى، فتراه يسند الحوادث إلى القضاء كي لا يفرح الإنسان بما وجده جهلاً، ولا يحزن بما فقده جهلاً كما في قوله تعالى: وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي آتَاكُمْ([309])، فإنه يدعو إلى الجود بإسناد المال إلى إيتاء الله تعالى، وكما في قوله تعالى: وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ([310])، فإنه يندب إلى الإنفاق بالاستناد إلى أنه من رزق الله تعالى.

والنمرقة الوسطى التي يتضح فيها معنى (الأمر بين الأمرين) هي أن كل سبب من الأسباب الكونية ليس سبباً من تلقاء نفسه و باقتضاء من ذاته بل بإقداره تعالى على الفعل و التأثير و عدم إرادته خلافه، و إن شئت فقل: بتسهيله تعالى له سبيل الوصول إليه، و إن شئت فقل بإذنه تعالى فالإذن هو الإقدار و رفع المانع وقد تكاثرت الآيات الدالة على أن كل عمل من كل عامل موقوف على إذنه تعالى قال


[306] سورة الأعراف: 28.

[307] سورة يونس: 41.

[308] سورة الشورى: 15.

[309] سورة النور: 33.

[310] سورة البقرة: 3.

نام کتاب : الحکمة من بلاء و الموقف المنه نویسنده : الشیخ مقداد الربیعي    جلد : 1  صفحه : 133
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست